رأي: تقدير الأوضاع العسكرية-الأمنية في ادلب

المؤلف:
السبت 25 أبريل 2020 - 22:21
https://arabic.iswnews.com/?p=7614

بعد أن نجحت قوات الجيش السوري وبدعم جوي روسي ومشاركة برية من قوات المقاومة في المرحلة الخامسة من عملية ادلب بتحرير الطريق الاستراتيجي حلب-دمشق والمعروف بM5 من يد الإرهابيين حيث كانت الخطوة التالية هي التحرك باتجاه تحرير الطريق M4 كإجراء تكميلي بعد تحرير الM5 وفي النهاية وبعد ازدياد مستوى سطح الاتصالات بين الترك والمسؤولين الروس من أجل إرساء هدنة أخرى لوقف إطلاق النار في هذه المحافظة. وهذا المقال يبحث في سير آخر العمليات العسكرية- الأمنية في هذه المحافظة وبعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا.

حيث أكّد اتفاق وقف إطلاق النار بين رؤساء تركيا وروسيا على عدّة نقاط مهمة؛ إنشاء منطقة عازلة بطول 6 كيلو مترات من جهتين الشمالية والجنوبية لأوتستراد حلب – اللاذقية (M4) وفي المرحلة التالية تسيير دوريات مشتركة روسية – تركية على طول الطريق M4.
ومنذ توقيع هذا الاتفاق وقعت أحداث مهمة في المشهد الميداني للتطورات في ادلب والتي تأثر جزء منها بالاتفاق الأخير حول وقف إطلاق النار وجزء آخر تأثر بالظروف والتطورات العسكرية والأمنية في هذه المحافظة.

عدم التزام تحرير الشام في التنفيذ الكامل للدوريات الروسية – التركية:
على الرغم من قيام القوات التركية والروسية بدوريات على الطريق السريع M4 خمس مرات إلا أنها في كل مرة كانت تواجه عمليات تعطيل وخرق من قبل الجماعات الإرهابية ويقتصر عمل الدوريات على مسافة معينة بالحد الفاصل لقرية ترنبة بالقرب من سراقب وحتى بلدة النيرب شرقي ادلب ولا يمكن تنفيذ الدوريات بشكل كامل. حيث قامت الجماعات الإرهابية في الخطوة الأولى بتخريب جزء من الطريق السريع ومن ثم في الخطوات التالية نظّمت اعتصامات عامة لمنع تنفيذ الدوريات بشكل كامل على طول الطريق السريع وعلى الرغم من محاولات القوات التركية لتفريق المعتصمين ولكن حتى الآن لم يتم تنفيذ دوريات كاملة على طول الطريق السريع.
وعلى الرغم من أن جماعة تحرير الشام الإرهابية أعلنت ظاهرياً معارضتها لأي اعتصام على طول الطريق السريع ولكن من المرجح أن هذه الجماعة وبالنظر إلى مواقفها هي حذرة من أجل علاقاتها مع تركيا وتسعى بشكل مخفي لتحريك بعض الجماعات المتطرفة مثل حراس الدين وبشكل غير مباشر لخرق وتعطيل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين تركيا وروسيا.

على أي حال فإن زيادة وتعزيز الوجود التركي وقواتها العسكرية وكذلك الجماعات المرتبطة بها مثل الجيش الوطني وجبهة التحرير الوطنية في منطقة جنوب ادلب وفي أطراف الطريق السريع M4 يقلل من ميزان نفوذ وسيطرة هذه الجماعة في محافظة ادلب على أنها اللاعب الفاعل في هذه المنطقة وفي المواجهة مع جماعة جبهة التحرير الوطنية (المرتبطة بتركيا)، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن أحد أسباب الرئيسية وراء تخريب هذه الجماعة لتنفيذ الاتفاقية الأخيرة والدوريات المشتركة التركية – الروسية على طول الطريق السريع M4 هو تأثير هذه المسألة على قدرة نفوذها داخل محافظة ادلب والتي تأثرت وضعفت في أعقاب تحرير الطريق السريع M5.

جهود تحرير الشام لإعادة تنظيم قواتها:
بالتزامن مع ازدياد وتعزيز التواجد العسكري التركي والجماعات المرتبطة بها قامت حركة تحرير الشام بتشكيل ألوية عسكرية جديدة وكذلك بتغييرات على مستوى قادة الصف الأول والثاني. وإجراءات تحرير الشام هذه هي في صدد استعراض النفس وتنظيم قواتها أمام هجمات الجيش السوري المستقبلية وكذلك إعادة التوازن  واستعراض القوة أمام الجماعات العسكرية المرتبطة بتركيا والتي تعززت قوتها مع تواجد اللاعب التركي في المنطقة.

تعزيز التواجد العسكري والسلاح التركي في ادلب:
بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وبدأ الدوريات التركية – الروسية المشتركة في ادلب ومنع الجماعات الإرهابية للتنفيذ الكامل للدوريات قامت تركيا بذريعة تعزيز وقف إطلاق النار بزيادة المعدات وإرسال عدد كبير من القوات العسكرية والميليشيات المرتبطة معها في جنوب ادلب وبالطبع بذريعة كبح التعطيل والسعي للتنفيذ الكامل للدوريات المشتركة على طول الطريق السريع M4 أدخلت عدداً كبيراً من القوات التركية لهذه المحافظة ووفقاً للمعهد الأمريكي لدراسات الحرب فقد أدخلت تركيا إلى ادلب خلال شهري شباط وآذار ما يقارب العشرين ألف من القوات تضمنت عسكريين أتراك وميليشيات عربية مرتبطة بها (التي شاركت بعمليات غصن الزيتون ونبع السلام). وبالإضافة لذلك وبناءً على هذا المعهد فقد أقدمت تركيا على إنشاء أكثر من 50 قاعدة عسكرية ونقلت ما يقارب 7 آلاف من المعدات العسكرية الثقيلة لمحافظة ادلب وبهذه الحجج نصبت منظومة الدفاع الجويMIM-23 Hawk في جنوب ادلب أيضاً.

محاولة تركيا لتشكيل وحدة عسكرية موحدة في ادلب:
إن جهود تركيا لزيادة تواجدها ونفوذها العسكري – الأمني في ادلب وبغض النظر عما إذا كانت قاعدة لتعزيز الميليشيات والجماعات العسكرية المرتبطة بها (ذات الهوية الإخوانية) مثل الجيش الوطني (SNA) وجبهة التحرير الوطنية هذا يتيح لتركيا فرصة لإنشاء وحدة عسكرية متكاملة وموحدة في المستقبل بمشاركة الجيش الوطني والجبهة الوطنية بهدف مواجهة أي هجوم للجيش السوري على هذه المحافظة في المستقبل. ومن المحتمل أنه في ضوء تشكيل وحدة عسكرية موحدة في محافظة ادلب أن تكوّن أرضية لخلاف طويل وتفكك في صفوف هيئة تحرير الشام والتحاق الجماعات المنتسبة لها مع الوحدة العسكرية الجديدة.

وبالنظر إلى ما ذُكر فمن المتوقع بأن يكون الخيار العسكري على جدول أعمال الدولة السورية لتسوية قضية ادلب. وعلى الرغم من أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية وفي ضوء اتفاق وقف إطلاق النار الاخير فإن الدوريات العسكرية الروسية التركية المشتركة على الطريق السريع M4 لم تكن مكتملة حيث أن الجماعات الإرهابية منعت تنفيذها بشكل كامل وعدم قدرة تركيا على كبح الجماعات الإرهابية وتنفيذ الدوريات المشتركة بشكل كامل على طول الطريق السريع فهذان الأمران سيوفران قاعدة للعودة من جديد لاستخدام الخيار العسكري لحل وتسوية ملف ادلب من قبل الدولة السورية.
وعلى الرغم من أن روسيا تسعى للحفاظ على علاقاتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية مع تركيا ولا تريد زعزعة استقرارها ولكن في ذات الوقت تريد استغلال ضعف أنقرة في الوفاء بالالتزام بتعهداتها بموجب اتفاقية وقف إطلاق النار الأخيرة ومرة أخرى تمهيد الطريق لإعادة استخدام الخيار العسكري من جديد لحل وتسوية ملف ادلب.

اضغط على الخريطة لمشاهدتها بالحجم الكامل
شارك:
تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *