التحليل المنهجي لنمو الأفكار السلفية والجماعات التكفيرية
قدّم جورج ريتشاردسون الأستاذ في جامعة الدفاع العالي بأمريكا تحليلاً عام 2008م والذي يعتمد على طريقة النظام الديناميكي لبحث نمو الأفكار السلفية ومن ثم توسّع الجماعات التكفيرية. وهو تحليل مهم حيث كان مرتبطاً مع سير عملية توسّع القاعدة بشكل جيد وحتى اليوم يتم تدريس طريقة التحليل المنهجي في الجامعات وخاصة بفروع السياسة والإدارة.
وفيما يلي حاولنا اقتباس من تحليلات السيد ريتشاردسون وقمنا بترجمته بطريقة مفاهيمية وتفسيره في حالة داعش. ومن الواضح أنه يمكن دائماً تطبيق طريقة التحليل المنهجي على الأحداث الجارية وخاصة أننا نسمع في هذه الأيام أخباراً عن عودة نشاط بعض حلقات الجماعات السلفية التكفيرية في العراق وكما حذّرت مجموعات المقاومة العراقية من ذلك.
نظرة داخلية عن الهيكل والنظام الديناميكي لجماعات الإرهابية
1- مرحلة (1): التعصب هو الخطوة الأولى بين اعضاء أحد الجماعات السلفية وذلك بسبب ارتباطهم بأيدولوجيات دينية وإرهابية. وهذا التعصب يؤدي إلى:
ألف) تحاول هذه الجماعات تجنيد أشخاص جُدد لتوسيع قاعدتها وتنظيمها.
ب) الدعم من أحد التيارات المتفق عليها والمؤيدين الإقليميين.
2- التجنيد والعضوية التي تمت في المرحلة (1) ستؤدي لتزايد في الجماعات الإرهابية. أي أنه كل جماعة سلفية تحاول إعلان وجودها من خلال انضمام أعضاء جدد وتوسيع تنظيمها. وهذا الأمر يؤدي إلى أن تبحث الجماعات باستمرار عن الأعضاء. ويمكن اعتبار نشاط داعش بتوسيع نفسه من خلال ضم جنود الخلافة من أوروبا عن طريق مجلة دابق وإجبار القبائل السُنية في شمال وشمال غرب العراق بمبايعة أبو بكر البغدادي وقبول خلافته مثالاً على ذلك.
3- إن الدعم الإقليمي الذي ذُكر في المرحلة الأولى يؤدي لأن تحصل هذه الجماعات على مصادر مالية جيدة. والنتيجة هي زيادة في الأعمال الإرهابية المسلحة. وذلك لأن هذه الجماعات الآن لديها جنود وتعطيهم أجور جيدة وكما أنها استطاعت شراء الأسلحة العسكرية وقامت بتسليح جماعتها. وبالنسبة لدعم داعش كانت دول الخليج مثل السعودية وقطر والإمارات والكويت من أكبر الداعمين. وفي أعقاب هذا الإجراء:
ألف) تكثيف الأنشطة القمعية ضد أعدائهم:
ألف 1) نظراً لكون هذه الأنشطة تعتمد على دعم التيارات التي تتفق معها فإن هذا العمل يتكرر باستمرار. أي أن الدعم الفكري واللوجستي يليه استغلال المصادر المالية وفي النتيجة زيادة في الأنشطة القمعية ضد المنافس. حيث يمكن اعتبار المواجهة العنيفة بين زعماء الدولة الاسلامية في العراق وجبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) نتاجاً عن ذلك.
ألف2) يزيد من التعصب على أيدولوجية الجماعة ويعيد إدخال الأنشطة في المرحلة (1). وغني عن التعريف بأن المفتيين السلفيين السُنة في إعلامهم يعتبرون مشجعاً جيد لدعم وزيادة الفكر السلفي لهذه الجماعات و يرفعون الأحاسيس والمشاعر من خلال مزج مفاهيم آخر الزمان والمعركة الكُبرى على أرض الشام.
ألف3) جعل المجموعة تشعر بالتهديد وتقوم بضم أعضاء جدد.
ألف4) زيادة عدد الضحايا (سنقوم بشرحها بالتفصيل في المرحلة التالية.)
ب) إن الزيادة في الأعمال الإرهابية ستؤدي لإرتفاع خسائر الجماعات أيضاً. وذلك لأن العديد من مقاتلي هذه الجماعات يقتلون نتيجة تنفيذ عمل إرهابي انتحاري أو على يد العدو. وزيادة الخسائر تؤدي:
ب1) تنشأ جماعات تكفيرية جديدة أو تنفصل عن المجموعة الرئيسية وتشكل جماعة جديدة أو من أجل حماية أرواحهم وقبيلتهم وأحزابهم يشكلون جماعة جديدة ويعلنون عن أنفسهم. وهذا الأمر حدث أيضاً في الفروع التي نتجت عن داعش مثل فرع ابن عليّة والحازمية.
ب2) تؤدي لزيادة الروح الاستشهادية بين جنود هذه الجماعة التكفيرية ويشجع كل منهم على الوصول وتحقيق الشهادةن بطريقة ما ويؤدي لزيادة الهجمات الإرهابية وتعاد هذه المرحلة وتتكرر. وكما يؤدي الفهم الخاطىء لمفهوم الشهادة بين الجماعات التكفيرية لزيادة من جديد في التعصب الأيدولوجي لهم وتدخل المرحلة (1). حيث أن الزيادة الواضحة للعمليات الاستشهادية والانغماسية في تنظيم داعش مقارنة بتنظيم القاعدة تؤكّد ذلك.
يجب الانتباه إلى أن عمل هذا النظام ونظام إعادة التغذية لذلك، لا يعتمد على أن المرحلة الأولى يجب أن تكون “التعصب” حتماً. ولكن من الممكن أن تكون المرحلة الأولى زيادة الأعمال الإرهابية أو زيادة نشاط الجماعات التكفيرية في التجنيد وضم الأعضاء ويبدأ التحليل من هنا.
وكما أن تقسيم العراق لثلاثة أقاليم شيعي وكُردي وسُني هي من السيناريوهات للنظام الإرهابي الأمريكي التي يسعى من خلالها الرد على قرار العراق المبني على خروج أمريكا، حيث أنه من الممكن أن تكون زيادة التحركات لجماعات داعش الصغيرة في المناطق السُنية هي من أجل التجنيد من جديد ويرافقها زيادة الأعمال الإرهابية ضد الشعب العراقي والحشد الشعبي.
جمع: إحسان حسني، باحث في محور المقاومة
تعليق