وقف لإطلاق النار مجدداً في ادلب؛ هدنة مستحيلة!؟
عُقدت قمّة موسكو وشملت كل الهوامش وفي نهاية القمّة أعلن طرفا التفاوض أي بوتين وأردوغان عن التوصل لهدنة وقف لإطلاق النار من جديد في ادلب. هنالك بعض النقاط المهمة للغاية حول هذه الهدنة والتي سنتناولها.
بدأت هدنة وقف إطلاق النار في تمام الساعة 00:01 بالتوقيت المحلي بتاريخ السادس من آذار بمنطقة ادلب وطرفا الصراع مُلزمان بتنفيذها. والهدنة هذه تتضمن ثلاثة أقسام رئيسية هي كالتالي:
1- توقف جميع الاشتباكات على طول خطوط التماس بمنتصف الليل من تاريخ السادس من آذار.
2- ستنشىء روسيا وتركيا ممراً آمناً شمال وجنوب اوتستراد M4 (سراقب-اللاذقية) بطول 6 كيلومترات.
3- ستبدأ بالخامس عشر من آذار دوريات مراقبة مشتركة روسية تركية على طول اوتستراد M4.
وعلى الرغم من أن روسيا وتركيا أعلنتا أن هذا هو المضمون الرئيسي لهدنة وقف إطلاق النار الجديدة بإدلب حيث أن وجهة نظر أردوغان ومطالبه قبل يوم من هذه القمّة كانت مختلفة تماماً وفي الحقيقة شهدنا انقلاباً سياسياً من الطرف التركي.
وفيما يلي بعض النقاط المهمة حول هدنة وقف إطلاق النار في ادلب:
– كما أن اوتستراد M5 (حلب-دمشق) سيبقى تحت سيطرة الجيش السوري. حيث أن سيطرة الجيش السوري على هذا الاوتستراد تعتبر نجاحاً استراتيجياً وسيعزز القوة العسكرية السورية في منطقة ادلب. هذا وقد كانت تركيا تطالب بتراجع الجيش السوري إلى ماوراء هذا الاوتستراد قبل المفاوضات.
– والنقطة اللافتة للنظر أن هذه الهدنة لاتشمل التنظيمات الإرهابية مثل تحرير الشام وحلفائها وهذه التنظيمات لاتزال أهدافاً مشروعة للجيش السوري وليس هنالك حدود في قتال هذه التنظيمات!
– إن أبرز نتائج هذا الاتفاق هو إنشاء منطقة آمنة بطول ستة كيلومترات شمال وجنوب الاوتستراد M4 (سراقب-اللاذقية)! وفي الوقت الراهن الطريق سراقب-جسر الشغور بشكل فعلي خارج عن سيطرة الجيش السوري وأغلب هذا الطريق تحت سيطرة إرهابيي تحرير الشام والحزب الاسلامي التركستاني وكافة التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة.
وهذا يعني أنه على الإرهابيين بشكل فعلي إخلاء المناطق الرئيسية لهم والانسحاب منها والتي كانت على مر السنوات تعتبر العمق الاستراتيجي في منطقة ادلب.
من المقرر أن تبدأ دوريات المراقبة المشتركة الروسية التركية عملها بتارخ 15 آذار على الاوتستراد M4 ومن غير المرجح أن يستجيب الإرهابيون لهذا المطلب وكما أن هذه التنظيمات الإرهابية لاتشملها هدنة وقف إطلاق النار؛ لذلك فمن المرجح جداً أنه ستكون عمليات الجيش السوري هي المرجحة!
– فيما يتعلق بتواجد القوات التركية في ادلب فإن هذا الأمر واضح وستبقى القوات التركية بإدلب؛ ومع هذا لم يحدد تكليف مراكز المراقبة التركية المحاصرة في المناطق التي تُسيطر عليها الدولة السورية. أو ربما قد تبقى للمستقبل القريب أو نهاية العمل في ادلب من أجل الحفاظ على سمعة تركيا وبنهاية المطاف ستخرج بصمت وهدوء. وعلى خلاف المزاعم التركية بالقوة والبلطجة فإن مراكز المراقبة هذه ستكون أداة ضغط للدولة السورية على الجيش التركي بالمواقف الضرورية والخاصة وفي الحقيقة فإن مراكز المراقبة هذه هي نقاط ضعف للجيش التركي ورهينة في عمق الأراضي السورية…
– وعلى الرغم من قبول تركيا للاتفاق الجديد بمنطقة ادلب وبالإضافة للمعمعة والصراخ الماضي وربما في المستقبل أيضاً ولكن بشكل فعلي فقد اعترفت بتقدم وإنجازات الأشهر الأربع الماضية للجيش السوري بمنطقة ادلب وقبلت بالهزيمة. وكما بقبول تركيا للاتفاق تكون قد أيّدت بشكل فعلي أنها لاتستطيع القيام بعمل عدواني عسكري مباشر على الأراضي السورية ولاتستطيع تحقيق مطالبها بهذه الطريقة.
بالطبع لماذا قبلت تركيا بنهاية المطاف بالهزيمة وتوصلت لهذه النتيجة للأمر أسباب عدّة لن نشرحها ونتطرق إليها في هذا المقال. ولكن باختصار فإن استقرار وثبات الجيش السوري وحلفائه في قضية ادلب وعدم الدعم الحقيقي للناتو وأمريكا لمطالب أردوغان والظروف السياسية التي هزت أردوغان في تركيا والانتقادات المتزايدة للنخبة التركية لأردوغان والحزب الحاكم من الأسباب الرئيسية لقبول تركيا للهزيمة والانسحاب.
على أي حال وأثناء كتابة هذا النص بدأت الهدنة لوقف إطلاق النار بإدلب ويجب علينا أن ننتظر ونرى كيف سيكون المجرى المُقبل لأحداث الحرب بسوريا وإلى أي جهة ستؤول الأحداث؛ ولكن ما هو واضح هو أن سوريا لديها طريق طويل قبل السلام والاستقرار والأمن وهذا الاتفاق والاتفاقيات هي بمنزلة خطوات صغيرة جداً من أجل الوصول لهذه الأهداف وهنالك قضايا كبيرة ومليئة بالصعاب والتي لم تجد الدولة السورية حتى الآن طريقاً لدخولها بشكل جاد!
تعليق