وصول مساعدات حلفاء سورية يصطدم بالعقوبات الأمريكية.. “أصدقاء سورية” يعجزون عن إغاثة المتضرّرين!!
في الوقت الذي أعلنت فيه العديد من الدول استعدادها الفوري لإرسال المساعدات إلى سورية، بعد الكارثة التي حلت بها، وأزهقت أرواح مئات الأبرياء، اصطدمت تلك المساعدات بعرقلة العقوبات الأميركية المفروضة على سورية، بموجب قانون “قيصر”، والتي كانت عائقا أمام الجهود الداخلية والخارجية المبذولة لإغاثة ضحايا الزلزال، الذين لم تتكلّف واشنطن حتى عبء التضامن اللفظي معهم.
حلفاء سورية الذين كانوا على الدوام بجانبها طوال سنين الحرب، باشروا منذ اللحظات الأولى لوقوع الكارثة لتقديم المساعدة، وفي مقدمتهم إيران، التي أرسلت قوات عسكرية لمساعدة فرق الإنقاذ لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض، كما قدّمت أول دفعات المساعدات الإنسانية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
حيث وصلت أمس طائرة إيرانية تحمل مساعدات إغاثية للمتضررين، وعلى متنها 45 طناً من المساعدات الإنسانية تشمل البطانيات، والخيم، والأدوية، والمواد الغذائية، ومستلزمات أخرى يحتاجها المتضررون من الزلزال، وأوضح السفير الإيراني بدمشق، أن الطائرة الثانية ستهبط اليوم في مطار حلب، وبعد ذلك طائرة ثالثة إلى مطار اللاذقية.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية العراقية عن تشكيل خلية أزمة وعمل جسر جوي عاجل لنقل المساعدات الطبية والمواد الغذائية إلى سورية بالتنسيق مع الهلال الأحمر، وقال الدكتور “أسامة مهدي غانم” رئيس الدائرة العربية في وزارة الخارجية العراقية أنه ستصل اليوم قافلة للوقود من بغداد، كما وصلت طائرتان عراقيتان إلى مطار دمشق الدولي تحمل كل منهما نحو 70 طناً من المواد الغذائية والطبية والبطانيات والمستلزمات الضرورية.
من جهتها، أرسلت الجزائر طائرة مساعدات جزائرية صباح اليوم إلى مطار حلب الدولي محملة بـ 17 طناً من المساعدات الإنسانية، وفريق من 86 عنصراً من الحماية المدنية إلى سورية، ليشارك في عمليات الإنقاذ بتقنيات ووسائل وفق المعايير الدولية التي تشترطها المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ.
كما كشف وزير الداخلية الجزائري “إبراهيم مراد”، إرسال طائرات تابعة للقوات الجوية الجزائرية إلى سورية محملة بقرابة 115 طناً من المساعدات على شكل مواد غذائية وطبية وخيم وأغطية لمساعدة المتضررين من الزلزال.
وأعلنت العديد من الدول منها الصين وتونس وسلطنة عمان أنها ستقدم مساعدات للمتضررين، كما أعلنت الامارات أنها ستقدم50 مليون درهم للمتضررين من الزلزال، كما أعلنت عزمها إنشاء مستشفى ميداني، وإرسال فريق بحث وإنقاذ وإمدادات إغاثية إلى سورية لمساعدتها على تجاوز تداعيات الزلزال.
بدوره أعلن الجيش اللبناني أنه سيرسل 15 عنصراً من فوج الهندسة إلى سورية للمساهمة في أعمال إنقاذ المنكوبين جراء الزلزال، وقررت جمعية الصليب الأحمر الصينية التبرع بمبلغ 200 ألف دولار أمريكي نقداً لمنظمة الهلال الأحمر السورية، كمساعدات إنسانية طارئة.
إلى ذلك، طالب العديد من الناشطين والإعلاميين والفنانين، كما طالبت معظم التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، بضرورة الضغط على المجتمع الدولي لرفع العقوبات عن سورية، التي تعيش حصاراً خانقا على مدى أكثر من عقد من الزمن، وتحملته، لكن الوضع اليوم يستدعي رفعها فوراً لإنقاذ الأرواح.
في السياق، ناشد رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري “خالد حبوباتي”، رفع الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية لمواجهة تداعيات الزلزال المدمر، مشيراً إلى أن العقوبات الاقتصادية هي التي تؤثر على الوضع الإنساني.
وأطلق “حبوباتي”، في مؤتمر صحفي، نداء استغاثة وطني وإنساني من الدول المانحة التعاون لرفع الحصار، قائلا: نحتاج معدات ثقيلة وسيارات إسعاف وإطفاء لنتمكن من مواصلة عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض وهذا يحتاج إلى رفع العقوبات عن سورية بأسرع وقت، مشيراً إلى أن عدد الضحــايا مرشح للارتفاع وهناك عدد من الأبنية ما زال مهدداً بالانهيار.
في هذه الأثناء، لم تقتصر أضرار الزلزال على محافظات حلب واللاذقية وحماة وطرطوس، بل سجلت المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة في الشمال السوري، سقوط مئات الضحايا وعدد كبير من الإصابات، وانهيار وتصدّع عشرات الأبنية السكنية.
حيث ذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أنه لم تكن الحال في مناطق سيطرة المعارضة السورية، بأفضل ممّا هي في بقيّة المناطق المنكوبة، فالاستجابة التي تقدّمها الجهات المدنية التابعة لـ “الائتلاف السوري”، بدت عاجزة عن تقديم الإغاثة والدعم بالقدر الكافي للمتضرّرين كلياً أو جزئياً.
وبحسب مصادر محلية في إدلب، فإن عدد المباني التي انهارت بشكل كلّي بلغ 133 مبنىً، وتلك المتضرّرة نحو 272 بشكل جزئي، في ظلّ ارتفاع سريع في أعداد الضحايا، وبطء عملية الاستجابة الإنقاذية، نتيجة قلّة توافر المعدّات الثقيلة التي تُستخدم للإنقاذ في ظروف كارثة طبيعية مماثلة، فضلاً عن اتّساع الرقعة الجغرافية للمواقع المتضرّرة، وتناثرها على قرىً صغيرة ومخيّمات نزوح، وتجمّعات مستجدّة.
وأضافت “الصحيفة”: أمّا في المناطق الحدودية الأقرب إلى تركيا، مثل مدن أعزاز وجرابلس وجنديرس وسرمدا، فكان الوقع الأشدّ للزلزال، حيث انهارت عشرات البيوت المبنيّة قديماً وحديثاً، وبشكل عشوائي خلال الحرب، على رؤوس ساكنيها.
وتابعت الصحيفة القول: لئن عاشَ أهل هذه المناطق منذ سنوات، تحت سطوة وحكم “الائتلاف”، الذي قدم نفسه دولة “بديلة” مدعومة من أنقرة، فإن قياديين بارزين فيه، عمدوا، أمس، إلى إغلاق هواتفهم بعدما تثبّتوا من عجزهم عن تحصيل أيّ دعم تركي سريع في مواجهة الكارثة، بينما تنصّلت هيئات الإغاثة التركية من الاستجابة للنداءات الصادرة من شمال سورية، بحجّة عدم توافر كوادر كافية نظراً لما تشهده المناطق التركية المتضرّرة.
وقالت مصادر سورية معارضة في تركيا، إن قيادة “الائتلاف” رفضت مقترحاً من قبل إحدى الشخصيات الفاعلة فيه، يقضي بالتواصل مع الجانب الروسي للبحث في إمكانية فتح المعابر مع المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية أمام المنظمات الأممية أو الهيئات الإغاثية، التي تنشط في سورية، حيث جاء الرفض بذريعة أن العرض يشكّل “تنازلاً مجانياً” لدمشق، في حين راهنت قيادة “الائتلاف” على أن متطلّبات الكارثة ستلقى استجابة من الدول الداعمة لمؤسّساته مثل فرنسا والولايات المتحدة.
وكان الرئيس بشار الأسد، ترأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الوزراء لبحث تداعيات الزلزال، حيث تمّ تقييم الوضع الأوّلي، وتحديد المواقع الأكثر تضرّراً، والتي تركّزت بشكل أكبر في محافظات حلب وحماة واللاذقية، كما وضعت خطة تحرّك طارئة على المستوى الوطني، تقودها غرفة عمليات مركزية تعمل على مدار الساعة.
يذكر أن الزلزال المدمّر الذي ضرب سورية تسبب حتى الآن بوقوع 812 وفاة و1449 إصابة، بالمناطق المتضررة في محافظات حلب، اللاذقية، حماة، ريف إدلب، طرطوس في حصيلة غير نهائية.
اقرأ أيضا”: هدف “نتنياهو” تضليل الرأي العام.. سورية تنفي إرسال طلب للمساعدة من الإحتلال “الإسرائيلي”
تعليق