ماذا تريد أمريكا من سوريا؟
غاية أمريكا هي إشغال أطراف الصراع في سوريا والعراق ببعضها. وذلك لأن استقرار و قوة الحكومة وخاصة في سوريا هو بداية لإنهاء طموح الكيان الصهيوني و لعب ترامب على الأراضي السورية ليس إلا عملاً لتعويض فشله في السياسة الخارجية الأمريكية.
بالنظر إلى التطورات الأخيرة في المنطقة وبشكل خاص السعي الأمريكي شمال سوريا، نستطيع وضع النقاط التالية والتي تبرز الأبعاد السياسية لترامب في سوريا:
أ- تقسيم المصالح والتعامل مع روسيا وتركيا.
ب- الحفاظ على نفوذ الأكراد الانفصاليين.
ج- التعارض مع إيران والدولة السورية.
لم يتضح إلى الآن ماهي النتائج التي سوف تصدر عن السياسة الأمريكية تجاه سوريا. السيناريوهات المحتملة تشمل “خروج القوات الأمريكية من بعض المناطق”، “زيادة عدد العسكريين الأمريكيين في المناطق النفطية” و “اتفاقية سرّية مع الروس والأتراك”. وعلى عكس الرؤساء الأمريكيين السابقين فإن ترامب يناقش ويبحث أمور الشرق الأوسط مع مجموعة صغيرة من الخبراء وكما في الماضي هنالك اختلاف في واجهات النظر ضمن وزارة الدفاع والخارجية الأمريكية أو بعض السياسيين والجنرالات العسكريين حول سوريا. ولكن الهدف الأمريكي في سوريا كما صرّحوا هو التحكم بالمنابع والمصادر النفطية. تحدّث ترامب حول نيتهم السيطرة على المصادر النفطية بذات الوقت الذي تحدّث فيه عن مقتل أبو بكر البغدادي وهذا الأمر يعني أنهم لن يغادروا الأراضي السورية ولم تكن نيتهم القضاء على داعش مثلما كانوا يدعون.
لا يمكن اعتبار هذه التحركات الأمريكية موجهة فقط ضد الدولة السورية، روسيا و داعش ولكنها موجهة أيضاً بشكل أساسي ضد إيران. لاسيما مع فرض العقوبات النفطية الشديدة والضغط الأمريكي الكبير على إيران واحتمالية استخدام أمريكا ورقة المصادر النفطية السورية في المباحثات مع إيران. قد يكون هذا الأمر غير وارد بالذهن ولكنه ليس بعيداً عن ترامب خاصةً عندما طرق الباب لفتح المباحثات مع إيران.
وإيران لم تُقدم إلى الآن على أي حركة بشكل مباشر بخصوص التحركات الأمريكية في سوريا وبالنظر لعدم الانتهاء من خطر المجموعات التكفيرية بشكل كامل و استمرار الهجمات الإسرائيلية فإن هذا الأمر هو منطقي.
ومن الممكن أن إيران تنتظر خروج أمريكا من سوريا لذلك قررت عدم التحرك لإستفزاز أمريكا في سوريا.
على أي حال فإن قرار ترامب بالسيطرة والتحكم على المصادر النفطية شمال سوريا خلط الأمور حتى البرنامج الروسي للمصادر النفطية والغازية شمال دير الزور طغت عليها هذه الخطوة.
وجود أمريكا شمال سوريا هو استمرار للنفوذ الأمريكي على الحدود الغربية لإيران. تعتبر هذه المنطقة ليست ذو تأثير بشكل مباشر على الأراضي الإيرانية ولكنها عمق مناسب لشن الهجمات على غرب إيران في حال حدوث الحرب المحتملة. ومن جهة أخرى فإنه يوفر إمكانية الوصول للقواعد الإيرانية في البوكمال و الخطة الإيرانية للاتصال بالبحر المتوسط والذي سوف يكون للمصالح المشتركة مع العراق وسوريا.
من وجهة نظر أمريكا فإن وجودها في شمال سوريا من أجل الضغط على إيران و تقليل وجودها في سوريا و إذا أُقيمت المباحثات فإنها سوف تفاوض إيران على الانسحاب من سوريا مقابل إعطاء المصادر النفطية شمال سوريا للدولة السورية.
وهنالك احتمالية مطروحة بأن احتفاظ ترامب بالسيطرة والتحكم على المصادر النفطية السورية هو من أجل إبعاد خطر المنافسة في الدورة الثانية لانتخابات رئاسة الجمهورية في أمريكا.
الخروج من سوريا أو افغانستان بالنسبة لترامب يماثل الخروج من فيتنام، في الواقع فإن مسألة سوريا بالنسبة لأمريكا أكثر من كونها نقطة قوة، هي نقطة ضعف وتهديد حيث كانت مسألة تعويض الإنفاق الضخم لحكومة أوباما في سوريا هو نقطة قوة لترامب في المناظرات والمناقشات السياسية.
في المحصلة نستطيع القول بأن ترامب يريد النجاح وذلك بالفيلم الهوليوودي بالقضاء على داعش وقتل أبو بكر الغدادي وكذلك التحكم بالمصادر النفطية شمال سوريا بالإضافة لحفظ القوة العظمى مقابل روسيا و أوروبا، مواجهة إيران والتيارات الاسلامية، أمن اسرائيل و الأهم من ذلك الدورة الثانية لانتخابات الرئاسة الأمريكية.
مُذكّرة: محراب
تعليق