رأي: عبور ناقلات النفط الإيرانية من جدار العقوبات الأمريكية
إن وصول ناقلات النفط التي تحمل البنزين الإيراني لفنزويلا وسط الضوضاء والتهديدات الأمريكية بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية والتي تمر فعلياً من جدار العقوبات الأمريكية يثبت مرة أخرى بعد الرد على اغتيال الشهيد الحاج قاسم سليماني بالقصف الصاروخي الإيراني على قاعدة عين الأسد فشل الهيمنة الأمريكية الفارغة.
وفنزويلا هي إحدة الدول المهمة في أمريكا اللاتينية. وهذا البلد ولمدة طويلة أصبح فناء خلفياً لأمريكا مثل كافة دول أمريكا اللاتينية ومن ضمنهم بوليفيا وكوبا. وبعد وصول هوغو تشافيز للسلطة رئيس فنزويلا الراحل أصبحت فنزويلا من الدول المناهضة للتسلط الأمريكي ولمواجهتها تحالفت مع كافة الدول التي تعارض الهيمنة الأمريكية بما في ذلك إيران.
وكانت العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين إيران وفنزويلا مثالية في عهد الرئيس الراحل لهذا البلد الغني والمليء بالموارد بما في ذلك الموارد النفطية. وكان تأميم صناعة النفط وما تلاه من تحسن في الوضع الاقتصادي المؤسف لهذا البلد من أهم انجازات تشافيز في فنزويلا.
غرامة المقاومة أمام الهيمنة الأمريكية
يقبع الشعب الفنزويلي الآن خلال السنوات من بعد تشافيز وبسبب وقوفه أمام السياسات الأمريكية تحت أشد العقوبات الاقتصادية بحيث أن بلداً نفطياً مثله لايمكنه تأمين وقوده بسبب توقف مصافيه عن العمل.
وفي بداية الأزمة سعت أمريكا عن طريق تنفيذ انقلاب داخلي بزعامة غوايدو زعيم الحزب المعارض لمادورو وحجر اللعب لأمريكا وفي الحقيقة كان رئيس البرلمان الفنزويلي وأصبحت من جديد فنزويلا الفناء الخلفي لأمريكا. وكما قامت أمريكا بالتزامن مع فنزويلا بتنفيذ انقلاب في بوليفيا حيث تمكنت من النجاح بسبب ضعف الرئيس البوليفي الشرعي.
وفي الخطوة التالية قامت أمريكا بتهديد هذا البلد بعمل عسكري ولكن مع إعلان استعداد الجيش الفنزويلي لمواجهتها وكذلك تحذير إيران وروسيا والصين لم تستطع أمريكا تحقيق مكاسب وفشلت في هذه الخطوة. ولكن على الرغم من قوة فنزويلا إلا أن صناعة النفط كانت تعتمد على ذاك البلد. وهكذا تمكنت أمريكا من منع وصول احتياجات مصافي النفط الفنزولية من خلال فرضها عقوبات على صناعة النفط لهذا البلد. وكما أن محطات توليد الكهرباء توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود والصيانة الفنية. وفي هذه المرحلة كان من الصعب على إيران والتي تعد كواحدة من أهم الداعمين والحلفاء لفنزويلا وأكثر دولة متضررة من العقوبات الأمريكية الجائرة على مدى الأربعين سنة الماضية أن تتدخل واستطاعت من خلال تقديم بعض المساعدات التقنية من حل بعض مشاكل محطات توليد الكهرباء والمصافي.
الانجازات السياسية والاقتصادية من إرسال الوقود والمساعدات التقنية لفنزويلا
وكانت الخطوة الأكثر أهمية التي قامت بها إيران هي إرسال خمس ناقلات نفطية تحمل البنزين وكذلك الأجزاء والمعدات اللازمة للمصافي في فنزويلا. وتأتي أهمية هذه الخطوة بسبب محاصرة فنزويلا والتهديدات الأمريكية الشديدة حول مواجهتها ومنعها لأي مساعدات إلى الشعب الفنزويلي. ومع ذلك تجاهلت الجمهورية الاسلامية الإيرانية هذه التهديدات وتجاوزت النظام المالي القائم على الدولار واستطاعت ضمن هذه الظروف الصعبة أن تبقى بجانب الشعب الفنزويلي. وكانت المبادرة الاقتصادية لإيران وفنزويلا في هذه المعاملات استخدام الذهب بدلاً عن الدولار والعملات الأخرى والتي لاتحتاج إلى نظام مصرفي. والآن الناقلات النفطية الإيرانية تصل واحدة تلو الأخرى إلى فنزويلا وأمريكا تقف وتشاهد هذه الصفقة الكبيرة فقط مع كل تهديداتها وخداعها وبوارجها الحربية في المحيط الأطلسي. ولإرسال الوقود ومعدات مصافي التكرير إلى فنزويلا وسط أشد التهديدات الأمريكية آثار وانجازات مهمة.
1. الإنجاز الاقتصادي:
كون إيران تتعرض لعقوبات اقتصادية شديدة من قبل أمريكا فقد أتيحت لإيران الفرصة لتقديم قدراتها التقنية والاقتصادية للدول المحتاجة مثل فنزويلا وفي المقابل تتلقى تمويلاً خارج النظام المالي الذي تسيطر عليه أمريكا. وتعتبر هذه الطريقة نقطة قوة لبلد مثل إيران عانى لسنوات من الاعتماد على الدولار. وذلك لأنها الآن تستطيع التجارة دون القلق بشأن حظر أموالها. وبالطبع فإن إيران الآن تستطيع عبور جدار العقوبات الأمريكية بهذه المبادرة. وبالطبع التبادل بالذهب ليس أمراً قديماً. حيث أن روسيا في السنوات الماضية ومن أجل زيادة احتياطياتها من الذهب لدعم عملتها أجرت صفقات تجارية مع بعض الدول بهذه الطريقة.
2. الإنجاز السياسي:
لطالما عُرفت إيران كدولة وقوية وتحفظ عهودها وتلتزم بتعهداتها بين الدول الصديقة وغير الصديقة. وهذا الأمر بالنسبة للدول الصديقة أصبح واضحاً في قضية سوريا. وكما يظهر الدعم الإيراني لفنزويلا في أصعب الظروف وعلى الرغم من التهديدات الأمريكية بأن الجمهورية الاسلامية الإيرانية محل ثقة على عكس أمريكا. حيث أن الأمريكيين في الظروف الصعبة يسعون للمكاسب الاقتصادية لمصالحهم وعلى سبيل المثال فقد تخلوا عن الأكراد في سوريا والذين يعتبرون الحليف الرئيسي لهم أمام تركيا…
3. فشل متعدد للهيمنة الأمريكية الفارغة:
وبعد الصفعة القوية التي وجهتها الجمهورية الاسلامية الإيرانية لأمريكا في قصفها لقاعدة عين الأسد كردٍّ على اغتيال الشهيد الحاج قاسم سليماني أدركت أمريكا بأن إيران لا تتوانى أبداً عن العمل من أجل حماية مصالحها وكرامتها وستعمل في حال تعرضت للتهديد. لذلك مع تهديداتها باعتراض الناقلات النفطية الإيرانية وإرسال بوارجها الحربية للمنطقة ولكن بقيت يداها مكبلتين بعد تلقيها التحذير الإيراني لتفشل الهيمنة الامريكية الفارغة مرة أخرى أمام قدرة الجمهورية الاسلامية.
4. إنشاء مجموعة العقوبات:
إن دولتا فنزويلا وإيران من الدول ذات التأثير في المجموعات النفطية. وبالتالي يمكن أن يؤدي التداول لهذين البلدين بالذهب بدلاً عن الدولار إلى تشكيل مجموعة أو كتلة من الدول التي تتعرض للعقوبات والتهديدات الأمريكية بما في ذلك روسيا والصين وإيران وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا للتداول بالذهب أو أي عملة أخرى غير الدولار في التجارة..
صمد محمدي خبير سياسي
تعليق