عودة الاحتجاجات العراقية من جديد؛ إلى أين سيصل مصير #مليونية_بعد_الحظر؟
دخلت الاحتجاجات الشعبية العراقية على الفساد والأوضاع الاقتصادية مرحلة جديدة بعد مرحلة فيروس كورونا الباردة. ومهما كان مصدر ومنشأ هذه الاحتجاجات فقد كانت مصحوبة بكل تأكيد مع موجة من أعمال الشغب التي حركتها بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات وكذلك الغرب وعلى رأسهم أمريكا والذين يعارضون الحكومة الشيعية العراقية وجرّوا هذه الاحتجاجات السلمية لساحات الفوضى وأعمال الشغب الدموية.
وبالنظر للإحتجاجات الأخيرة في محافظات كربلاء والبصرة وواسط وبابل وبعض النقاط العراقية الأخرى فإن هنالك احتمال بأن أمريكا تسعى من خلال إعادة تنشيط الاحتجاجات لتشتيت القدرة المركزية ومن هذا المنطلق تضع الحكومة والقوات العراقية تحت الضغط. وبالنظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي في العراق وعلى الخصوص تويتر نشاهد دعايات لإستئناف الاحتجاجات من جديد في العراق. وعلى سبيل المثال في 11 نيسان أطلق المحتجون العراقيون هشتاغ #مليونية_بعد_الحظر ووعدوا بإقامة مظاهرات مليونية بعد انتهاء كورونا وهذه الأيام نشهد تنفيذ هذا الوعد.
لماذا نقول أن هنالك قدم أمريكية في الاحتجاجات العراقية؟
أثار قرار البرلمان العراقي بتاريخ 5 كانون الثاني 2020م والذي مفاده انسحاب وخروج القوات الأمريكية ردود فعل واسعة من قبل المسؤولين الأمريكيين. وحتى في حال شهدنا قراراً قطعياً من الحكومة العراقية الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي بإخراج القوات الأمريكية من العراق فإن أمريكا وبشكل طبيعي ستنفذ سيناريوهاتها كردة فعل على إجراء هذا القرار. وأحد هذه السيناريوهات هو استمرار الاحتجاجات في العراق بحيث تنشغل وتتعطل الحكومة المركزية العراقية من خلال مواجهة المحتجين أو أن تكون فدية وإلا ستؤدي الاحتجاجات لحرب داخلية. وعلى سبيل المثال من بين المجموعات التي تدعم هذه الاحتجاجات NGO[1] وهي منظمة مسجلة في أمريكا وشاركت منذ فترة طويلة في مسألة المساعدات الإنسانية على شبكات التواصل الاجتماعي في العراق ولكن في الأشهر الأخيرة غيّرت من طريقة عملها وأرست أسس خطين رئيسيين وهما إضعاف قوات المقاومة العراقية ومعاداة إيران.
وانحراف الاحتجاجات عن مطالب الشعب العراقي باتجاه المطالب الأمريكية بالإضافة لموضوع الضغط على الحكومة المركزية لإتخاذ نهج قاسي في مواجهة المحتجين وهو أيضاً ضمن مسألة تحويل المطالب الرئيسية. وكانت المظاهرات في البداية تسعى للإصلاح في النظام الإداري والحكومي بالعراق والنظر إلى الأحوال المعيشية للشعب ولكن هذه الأيام نشاهد شعارات وإجراءات من قبل بعض مجموعات المحتجين تسعى لإتهام إيران بقتل المتظاهرين أو أن السبب الرئيسي للفساد الحكومي في العراق هو التعاون مع إيران.
والقصة هي أبعد من ذلك وكما حدث خلال الليالي السابقة عندما هاجم المحتجون مكاتب منطمة بدر وحزب الدعوة وعصائب أهل الحق في الكوت وواسط وأضرموا النار فيها كان أمراً مثيراً للدهشة. وسيناريو حل الحشد الشعبي والذريعة حول أنه لاحاجة للمجموعات الميليشيوية في العراق بعد داعش وهو أحد أهم العناوين للفكر العربي والغربي والذي يسعى لتدمير الحشد الشعبي بين الناس ومن ثم الضغط الدبلوماسي من أجل حلّه. وعلى سبيل المثال يعتبر المركز الأمريكي FOREIGN POLICY أن الحشد الشعبي هو على مفترق طريق متظاهراً بأن التعبئة الشعبية العراقية يجب أن تقرر لمستقبلها. هل ستواصل التعاون مع طهران وتقف أمام احتجاجات الشعب العراقي أو أنها ستختار طريقاً مستقلاً كي يقرر العراق لها.
وعليه فإن حماس المحتجين والذين مروا بفترة ركود خلال كورونا وعادوا الآن من جديد للشوارع كي يحددوا مصير مطالبهم هو في معرض انحراف والذي لن يؤدي لإنحراف مطالبهم فحسب وتهميشها بل سيكونون ساحة لعب للدول التي تريد إشعال حرب داخلية في العراق وعدم استقراره. لذلك فإن الأمر يتطلب يقظة العلماء والسياسيين والفصائل السياسية والدينية في معرفة هذه الانحرافات والحفاظ على الوحدة وملاحقة ومتابعة مطالب الشعب بدون تدخل الدول الأجنبية في هذه الأمور للحفاظ على المسير الرئيسي لهذه الاحتجاجات.
مدوّنة: إحسان حسني؛ باحث في محور المقاومة
[1] مثل مجموعات us aid، tach 4 peace، enabling peace، epic
تعليق