نقطة تحوّل في الأزمة اليمنية؛ هل ستحرر اللجان الشعبية اليمن؟
في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة العدوان السعودي وقف إطلاق النار في اليمن فإن الطائرات السعودية تقوم يومياً بمئات الغارات على محافظات اليمن ولكن لماذا تقتل السعودية بوحشية الشعب اليمني في الوقت الذي تتعرض فيه هي لأزمات مختلفة مثل تفشي فيروس كورونا والانخفاض الشديد في الطلب على النفط؟
إن الجواب على هذا السؤال يكمن في نقطة مهمة والتي في حال تحققت فسيحدث منعطف وتحول في تاريخ اليمن. وهذه النقطة هي إمكانية تحرير محافظة مأرب الاستراتيجية والتي سوف تخلط أوراق الحرب في اليمن لأسباب عدّة.
ويلعب حزب الإصلاح دور المشاة لجيش العدوان السعودي وفي ذات الوقت ينهب ثروات محافظة مأرب وكما أن معاملته لأهل المنطقة معاملة قمعية شديدة. وأسلوب حزب الإصلاح المحتل مع أهالي محافظتي الجوف ومأرب أدّى لأن يستنجد الأهالي بحكومة الإنقاذ الوطنية اليمنية بقيادة اللجان الشعبية للخلاص من حزب الإصلاح.
وعندما تمكنت اللجان الشعبية منذ شهرين من هزيمة حزب الإصلاح في جبهة نهم شرقي صنعاء أعلنت قبائل وأهالي الجوف ومأرب أنه في حال اتخذت حكومة صنعاء التحرك من أجل تحرير هذه المحافظات فإنهم سيساعدون اللجان الشعبية وهذا ما حدث بالضبط.
وفي حال أفلتت مأرب من حزب الإصلاح وهو أمر مرجح جداً فسوف تتلقى المنظمة القتالية في الجيش السعودي ضربة قاسية وذلك لأنهم يستخدمون حزب الإصلاح كقوات مشاة ومرتزقة في الحرب على اللجان الشعبية. وكما أن هذا الحزب بالإضافة لصراعه مع اللجان الشعبية فإنه يقاتل ضد المجلس الانتقالي في الجنوب ومع حزب المؤتمر غربي اليمن ولكنه لايتمتع بدعم وتأييد شعبي من أهالي المناطق التي يحتلها.
ومن جهة أخرى فإن انتصار اللجان الشعبية في مأرب والتي تعتبر أكثر المناطق كثافة سكانية في النصف الشمالي لليمن. وفي نفس الوقت فإن الوصول لمصادر الطاقة في مأرب سيحل مشاكل عديدة للشعب اليمني ويزيد من قدرة صنعاء على تحرير مناطق أخرى.
ولهذا السبب تسعى الحكومة السعودية بكل جهدها لمنع تحرير مأرب. وإن وقف إطلاق النار ليس سوى دعاية تماماً مثل مئات التفجيرات هي فقط مجرد تكتيك من أجل منع اللجان الشعبية من تحرير مأرب.
ما هي استراتيجة اللجان الشعبية
الاستحواذ على الأراضي بأي ثمن لم يكن استراتيجية اللجان الشعبية في أي وقت بل إن لديهم طرق أخلاقية والتي من الممكن أنه لا مثيل لها في أي حرب أو ثورة.
إن حكومة الإنقاذ الوطنية اليمنية لا تتحرك من أجل تحرير المحافظات المحتلة ما لم يطلب منها أهالي وقبائل أو الأحزاب المحلية من اللجان الشعبية المساعدة كي يصلوا للحرية. وفي ذلك الوقت تقوم اللجان الشعبية بدخول المنطقة ومساعدة الأهالي وسط ترحيب الأهالي بحكومة الإنقاذ الوطنية. مثلما حدث في الجوف ومأرب.
حيث تعتقد اللجان الشعبية أن تحرير أي منطقة من المناطق المحتلة بدون دعم اهالي المنطقة لهم فإن هذا العمل قد يكون له نتائج عكسية وعليه فإن تحرير مأرب وانخفاض قدرة حزب الإصلاح يمكنه أن يجعل من حكومة الإنقاذ الوطنية في صنعاء داعم وطريق الخلاص من المحتل السعودي-الإماراتي في نظر الشعب من الطائفة السُنية في الجنوب.
لماذا مأرب مهمة
لقد استولى حزب الإصلاح على مصادر مأرب التي وهبها الله ومنع أهالي اليمن من الاستفادة مما يمتلكونه وبالأخص المناطق الوسطى وبالتالي فإن سيطرة اللجان الشعبية على مأرب ستحل مشاكل عديدة للشعب اليمني ولحكومة الإنقاذ الوطنية.
وفي الحقيقة إن احتمال أن تقوم الحكومة السعودية في ليلة بقصف المنشآت النفطية والغازية وتدميرها بعد أن تتحرر مأرب احتمال كبير جداً وعليه فقد سعت اللجان الشعبية خلال الشهرين الماضيين للتصالح مع حزب الإصلاح كي لا تدخل مأرب ولكن يمكنها أن تستخدم مصادر مأرب الثمنية من أجل الشعب اليمني المظلوم القابع تحت الحصار الجائر.
ولهذا السبب استغرقت عملية مأرب شهرين حيث كانت مأرب قاب قوسين أو أدنى للتحرير وقبل مدينة الحزم في الأيام الأولى بعد الانتصار في نهم.
وفي حال انتصرت اللجان الشعبية في مأرب فإن أهالي كافة المناطق سيطلبون المساعدة من اللجان الشعبية للتخلص من شر التدخل الأجنبي. لذلك حتى لو لم تدخل اللجان الشعبية مدينة مأرب فإن أبعاد الهزيمة للجيش السعودي في أربعة محاور مهمة قابلة للبحث؛
المحور الاقتصادي: مصادر الطاقة والمنشآت الاقتصادية في مأرب كما أوضحنا هي استراتيجية للطرفين.
المحور العسكري: يقع مركز القيادة للجيش السعودي في اليمن بمأرب وانتصار الجيش اليمني سيكون معناه هزيمة قاسية وكبيرة لآل سعود.
المحور السياسي: مأرب هي القاعدة الوحيدة لحكومة هادي في شمال اليمن وعاصمة حزب الإصلاح وعندما لا تبقى هذه المحافظة المهمة لهم فلن يكون لهم وجود في تلك المنطقة على الإطلاق.
المحور الجغرافي: تقع محافظة مأرب بين شمال وجنوب اليمن والحد الفاصل بين صنعاء وحضرموت. ومحافظة حضرموت هي محافظة مشهورة بمصادرها النفطية الضخمة.
التيارات السياسية جنوب اليمن
بعد سقوط حكومة عبدالله صالح ظهرت أربعة تيارات سياسية في جنوب اليمن؛
منظمة منصور هادي والتي تلعب دور المرتزقة للجيش السعودي وقسم كبير من هذه القوات هم أعضاء في حزب الإصلاح.
المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي والمرتبط بالإمارات وقد طالب بالانفصال عن الشمال وفي ذات الوقت يعارض ويعادي حزب الإصلاح بشدّة. حيث ماتزال الاشتباكات الدموية مستمرة بينهم وبين الجيش السعودي منذ الصيف الماضي وحتى الآن. وقد استولوا عدّة مرات على قصر المعاشيق في عدن وعلى مركز حكومة هادي في الجنوب. ونائب هذه المنظمة هو هاني البريك وهو سلفي و درس في المدارس السعودية.
ويتواجد أيضاً شخصيات الحراك في المجلس الأعلى وصنعاء برئاسة مهدي المشاط.
مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي بقيادة أحمد قحطاني والذي أسس حديثاً ويدين التدخل الإماراتي والسعودي في جنوب اليمن. وعلى الرغم من أن هذه الحركة تأسست في محافظة المهرة إلا أنها تحظى بترحيب في كافة المحافظات الجنوبية.
وأهالي المهرة يكرهون الحكومة السعودية وحتى الآن لم يدعموا أيضاً حكومة منصور هادي المخلوعة في حربها مع اللجان الشعبية ويطالبون بعدم تدخل السعودية والإمارات في الشأن الداخلي لليمن. وهذه الروح يمكن أن تمهد الطريق لعمل حكومة الإنقاذ المتواجدة في صنعاء. وعُمان هي الجار الوحيد لليمن عدا السعودية وكل حدود عُمان مع اليمن هي في محافظة المهرة.
كيف سيكون مستقبل اليمن بدون السعودية
اليمن بلد جميل ولديه مصادر طبيعية كثيرة. لدى هذا البلد موهبة طبيعية في إنتاج المحاصيل الزراعية وإنتاج القهوة والموز وما إلى ذلك ويتمتع بشهرة عالمية. حيث أن قهوة الموكا أفضل أنواع القهوة في العالم متعلقة بمحافظة تعز. وللأسف منذ أن تعاون آل سعود مع بريطانيا على دول مثل البحرين والحجاز وسيطرت عليهم وطمعوا باليمن أيضاً وكانوا عقبة في طريق تقدّم وازدهار اليمن.
وفي حال تخلص هذا البلد من حصار وقصف الجيش السعودي المعتدي يمكنه الاستفادة من إمكانياته في السياحة الفريدة من نوعها ويستفيد من المعادن والنفط والغاز.
كل هذا سيتم القيام به في حال تم القضاء على التيارات المنافقة المرتبطة بالسعودية والإمارات واللتان تنشطان عوضاً أو نيابة عن أمريكا وبريطانيا وتمت الموافقة على نهج التقارب لحكومة الإنقاذ الوطنية اليمنية من قبل جميع الشعب والتيارات. وهذا مهم مع الاستراتيجية التي تتبعها اللجان الشعبية وهذا ممكن بأن تمضي مع تيارات مختلفة ويصلوا للحقيقة.
مدوّنة: محمد بارسا نجفي
تعليق