صاروخ قاسم بصير: قفزة كبيرة في ترسانة الصواريخ الايرانية.
بتاريخ أيار ٢٠٢٥ كشفت وزارة الدفاع الإيرانية عن صاروخ يدعى (قاسم بصير) ذو وقود صلب بمدى يصل إلى ١٢٠٠كلم. يعد هذا الصاروخ كما سبقه من الصواريخ الباليستية التي تنتهي بتسمة -بصير- والتي تتميز بأحتوائها على نظام توجيه جديد يحتوي على باحث بصري يسمح للصاروخ بتوجيه نفسه بشكلٍ مُستقل في المرحلة النهائية دون الاعتماد على نظام الملاحة العالمي GPS ومن الأمثلة على ذلك صواريخ مثل (ناصر بصير وذو الفقار بصير). تُعزز هذه الأضافة دقة الصواريخ بِشكلٍ ملحوظ مما يجعلها سلاح قادر على تنفيذ ضربات بِدقة نقطوية.
طوٍرَ صاروخ قاسم بصير على غرار صاروخ (الحاج قاسم) الذي كُشِفَ عنه في آب ٢٠٢٠. يعتبر هذا الصاروخ تطوير لعائلة الصواريخ الباليستية التكتيكية(فتح) والتي تضم (فتح-١١٠، فتح ٣١٣ وذو الفقار). يتميز صاروخ الحاج قاسم بِقُطر ٩٠سم مقابل صاروخ ذو الفقار الذي يبلغ قطره ٦٨سم. وَبِفضل المحرك القوي زاد مدى الصاروخ ليصل لمدى ١٤٠٠كلم، كذلك أشتُقَ تصميم كِلا من نظام التوجيه والرأس الحربي من صاروخ (ذو الفقار).
وبعد شهرٍ واحد من الكشف على صاروخ الحاج قاسم، عرضت إيران نسخة جديدة من صاروخ ذو الفقار بإسم ذو الفقار بصير في المعرض الوطني للقوة الجوفضائية، وكان يحتوي على باحثٍ بصري كما هو الحال مع صاروخ الخليج الفارسي أو التطويرات التي طرأت على فتح-١١٠، يبلغ مدى نسخة (ذو الفقار بصير) ٧٠٠كلم وخُصِص للأستعمال ضد السُفن، وبالنظر للتشابه القريب للرأس الحربي لكل من الحاج قاسم وذو الفقار، توقع الخبراء أن تطويراً ما سيطرأ في المستقبل وهو الذي حصل ونتج عنه صاروخ (قاسم بصير).
الباحث البصري: الدقة النقطوية التي تفتقدها الصواريخ الإيرانية، تعتمد الصواريخ الباليستية الإيرانية على طريقة التوجيه التقليدية والتي تقوم بالأساس على التوجيه بنظام الملاحة بالقصور الذاتية INS بأستعمال جيرسكوب دقيق إلى جانب نظام الملاحة العالمي GPS الذي يعمل على تصحيح المسار في المرحلة المتوسطة، بإمكان نظام الملاحة بالقصور الذاتي تحقيق ضربة دقيقة بنسة خطأ تصل ١٠م في المدايات القصيرة (٥٠٠كلم)، ولكن في المدايات البعيدة إلى جانب القصور الذاتي سيكون الأعتماد على ال GPS والذي سيتعطل نتيجة التشويش.
ومن الأمثلة الواضحة على ذلك (عملية الوعد الصادق-٢) والتي نجحت فيها الصواريخ الإيرانية من أختراق الدفاع الجوي للعدو ولكن إصابة الأهداف كانت تفتقر للدقة نتيجة التشويش الذي طرأ على ال GPS.
يعالج صاروخ -قاسم بصير- نقطة الضعف هذه بتخليه الأعتماد على نظام الملاحة العالمي وسيحتوي الصاروخ بدلاً من ذلك على نظام توجيه بالقصور الذاتي وفي المرحلة النهائية ستنتقل عملية التوجيه للباحث البصري في مقدمة الصاروخ لأصابة الهدف بدقة عالية حتى في بيئات يكثُر فيها التشويش.
المرونة والسرعة والمناورة:صُممَِ صاروخ (قاسم بصير) برأسِ حربيٍ مناور لتجاوز الدفاعات الجوية الأمريكية والأسرائيلية، تتجاوز سرعة الصاروخ في المرحلة المتوسطة عشرة ماخ وعند الوصول للمرحلة النهائية ستنخفض لخمسة ماخ. ولتحقيق ضربات بدقة متناهية أُضيفَ باحث بصري في مقدمة الرأس الحربي المخروطي للصاروخ، تعد هذه الاضافة انتقالة استراتيجية في العقيدة الصاروخية الايرانية والتي باتت تركز على تعزيز دقة الصواريخ وتجاوزها للدفاعات الجوية، وسواءً كانت هذه الاضافات تشكل حلولاً دائمية أو لا، فستحسن في النهاية من اداء الصواريخ الايرانية في المستقبل.
ولكن صاحبَ دمج باحث بصري على الصاروخ العديد من التحديات التقنية كالتقييدات التي تفرضها السرعة النهائية، على سبيل المثال، تصل سرعة صواريخ مثل (الخليج الفارسي وذو الفقار) في المرحلة النهائية إلى ٣ماخ، خِلاف الصواريخ الأحدث كالحاج قاسم الذي تصل سرعته عند اصابة الهدف إلى ٤.٥ إلى ٥ ماخ حتى من دون القيام بأي مناوراتٍ حادة. وسرعاتٍ عالية كهذه بأمكانها التأثير على فعالية الباحث البصري إلى جانب بعض العوامل الأخرى كالأيروديناميكية الهوائية الشديدة والحرارة العالية التي يتعرض لها الصاروخ بأمكنها الأضرار بالزجاج الحامي للباحث البصري، وبالنظر للسرعة العالية جداً التي يتعرض لها الصاروخ بعد الدخول للغلاف الجوي ونتيجة لذلك فأن الباحث البصري سيتضرر من دون وجود واقي معين لحمايته.

ما مدى فعالية البواحث البصرية على الصواريخ الباليستية الايرانية؟ أثبتت الصواريخ الباليستية الايرانية التي يتراوح مداها بين ١٢٠٠ الى ١٧٠٠كم كفائتها على أختراق الدفاع الجوي للعدو والوصول لأهدافها بنجاح. ولكن واجهت هذه الصواريخ بعض الشيء مشكلة في دقتها نتيجة الأعتماد على نظام الملاحة العالمي GPS الذي يتعرض للتشويش لاحقاً. تعتمد الصواريخ الباليستية الإيرانية عادةً على عاملين رئيسيين للتهرب من الدفاع الجوي وهما الرؤوس الحربية المناورة والسرعة العالية في المرحلة النهائية ولكن إضافة البواحث البصرية على صاروخ كقاسم بصير سيضفي أولويات إضافية في تصميم الصاروخ.
أفيدَ أن صاروخ قاسم بصير يؤدي مناورات حادة في مراحلهِ الأخيرة ويبدو ذلك لغرض التقليل من السرعة لحماية الباحث البصري والسماح له بالقفل على الهدف ولكن قد يضفي ذلك نقطة ضعف جديدة للصاروخ فبأنخفاض السرعة في المرحلة النهائية سيجعله أكثر عُرضةً للأعتراض في المدن المحمية بدفاعاتٍ جوية.


بالرغم من التضحية بالسرعة النهائية لصالح الدقة، فأن صاروخ -قاسم بصير- يُمثل حلاً معقول ورخيص ومقبول لتحسين دقة الصواريخ الايرانية. قد يكون هذا الصاروخ ليس الخيار الأمثل لأستعماله في الرشقة الصاروخية الأولى ضد الاماكن المحمية بدفاعاتٍ جوية كثيفة ولكن فعاليته ستزداد بالرشقات المتتالية بعد أستنزاف لوجستيات الدفاعات الجوية.
ووفقاً لما هو مُتاح من التقارير، فأن مفهوم صاروخ -قاسم بصير- قد طُبِقَ على صواريخ باليستية إيرانية أخرى، مما سيشكل طفرة في الدقة الخاصة بالصواريخ، وتعد كذلك هذه الاضافات والابتكارات رسالة للأعداء في المنطقة ممن يتواجد منهم في البحر والبر.
-ترجمة: الشريف علي
مواصفات صاروخ قاسم بصير:
- النوع:صاروخ باليستي
- دولة الصنع: إيران
- جهة الصنع:وزارة الدفاع الايرانية
- الدخول للخدمة:٢٠٢٥
- الطول:١٠.٩متر
- القُطر: ٠.٩متر
- المحرك: محرك ذو مرحلة واحدة
- نوع الوقود:صلب
- المدى:١٢٠٠كلم
- السرعة في المرحلة المتوسطة: +١٠ماخ
- السرعة في المرحلة النهائية:غير معروف
- نسبة الخطأ الدائرية: ١متر
- الوزن:٧طن
- نوع الرأس الحربية:قابل للفصل مناور
- وزن الرأس الحربي: ٥٠٠كلغم
- التوجيه: القصور الذاتي+التوجيه البصري




تعليق