الأغتيال الرقمي: دور الذكاء الأصطناعي في أستهداف قادة حماس

عقب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول، أخذ جيش الإحتلال على عاتقه توظيف الذكاء الأصطناعي في العمليات العسكرية على نطاقٍ واسع، فإستعان جيش الإحتلال بأدواتٍ عديدة مدعومة بالذكاء الأصطناعي ووظفها في عمليات أغتيال قادة المكتب العسكري لحماس وعمليات إستعادة الأسرى، ومن بين هذه الادوات: أنظمة التعرف على الوجه لتحديد هوية المقاومين وتحليل المكالمات الصوتية لتحديد مكان تواجد الهدف، كذلك يستخدم الأحتلال أدوات ذكاء أصطناعي متطورة كأداة (NLP) طبيعة معالجة اللغة، والتي يكمُن دورها في العمل على تحليل وترجمة المنشورات والرسائل وكذلك تحليلها، أي أنه يعمل على نطاق واسع في جمع المعلومات من المصادر المفتوحة.
وفقاً لأربعة مسؤولين اسرائيليين، فإن الكيان أتخذ قراراً بأدخال تقنيات الذكاء الأصطناعي في الاستعمال الميداني، بعد الهجوم الذي شنته حماس في السابع من من تشرين الأول والذي أسفر عن ١٢٠٠ قتيل وما يقارب ٢٥٠ أسير، كما أفادَ المسؤولون ذاتهم عن وجود تعاون بين الوحدة ٨٢٠٠ وجنود الاحتياط لتطوير قدرات الذكاء الأصطناعي في مكانٍ أُطلقَ عليه أسم “الأستوديو”.
عَمِلَ جيش الأحتلال على دمج الذكاء الأصطناعي مع أنظمة التعرف على الوجه الخاصة به خلال خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، ليتمكن من خلال ذلك التعرف على الوجوه المغطاة جزئياُ او المصابة، كما أستعمل جيش الاحتلال الذكاء الأصطناعي في جمع قائمة أهداف محتملة وطورَ الجيش نموذج جديد من الذكاء الاصطناعي لتشغيل ما يدعى -chatbot- او بوت المحادثة والذي بدوره يعمل على مسح وتحليل البينات والمنشورات والمكالمات والرسائل التي باللغة العربية.
كان جيش الأحتلال في أواخر عام ٢٠٢٣ يحاول إغتيال قائد كتيبة جباليا -إبراهيم بياري- والذي زعمَ جيش الأحتلال مشاركتهِ في التخطيط لعملية ٧ تشرين الأول، ولاحقاً إعترضت الأستخبارات العسكرية لجيش الكيان بعضاً من مكالمات بياري الصوتية مع عناصر من مقاتلي حماس، ولكن ثَمة عائق في تحديد المكان الدقيق لتواجُدهِ، ولذلك إستعان جيش الإحتلال بأداة مدعومة بالذكاء الأصطناعي لتحليل الأصوات، أستُعمِلت في تحليل أصوات الأنفجارات وأصوات الطائرات التي عمدت في كسر سرعة الصوت لتحديد مكانه، حيث تمكنت الأستخبارات من تحديد الموقع التقريبي لأبراهيم بياري، كما تلقى بعض المسؤولون العسكريين في جيش الكيان تحذيرات من تنفيذ هكذا عملية نظراً لأكتظاظ المنطقة التي يُراد أستهدافها بالسكان والمجمعات السكنية، وأرتأوا بتوجب قصف عدة مجمعات سكنية لضمان مقتل بياري، حيث وافق الجيش على العملية ونفذوها بنجاح.
ومنذ حينها قد أستخدمت الأستخبارات العسكرية للنظام الصهيوني الأداة الصوتية المدعومة بالذكاء الأصطناعي أيضاً إلى جانب الخرائط وصور للأنفاق في عمليات البحث عن الأسرى، وَوفقاً لضابطين “إسرائيليين” فقد تطورت هذه الأداء مع الوقت في تحديد مواقع الأفراد بِدقةٍ أكبر.
تحديد مواقع الشخصيات:ووفقاً لأحد التقارير التي نُشِرت إستناداً على أقوال مسؤولين “إسرائيليين” وأمريكان رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن الكيان الصهيوني أعتمد على تقنية عسكرية جديدة مدعومة بالذكاء الأصطناعي في تحديد وتتبع الأهداف، طوِرَت هذه التقنية منذُ عقدٍ من الزمن إلا أن هذا هو الأستخدام الأول لها في ظروف قتال حقيقية، وشجعَ نجاح هذه الأداة في عملية أغتيال إبراهيم بياري الوحدة ٨٢٠٠ الصهيونية في العمل على تحسينها أكثر.
وبالعودة إلى عملية أغتيال الشهيد بياري فقد أعترضَ حينها أحد ضباط المخابرات أتصالات بياري الهاتفية ولجأ حينها للذكاء الأصطناعي المطور حديثاً لأختباره ما إن كان سيحدد موقع المكالمات، وبدوره الذكاء الاصطناعي حدد الموقع التقريبي لمكان المكالمة حيث يتواجد بياري وفي حينها أمر النظام الصهيوني بتنفيذ العملية يوم ٣١تشرين الأول من العام ٢٠٢٣ والتي أدت إلى أستشهاد بياري.
ووفقا لمنظمة مراقبة النزاعات -إير وورز- الواقعة في لندن، أن ١٢٥ مدنياً أستُشهدوا نتيجة لطبيعة عمل الأداة في تحديد الموقع التقريبي للهدف (بدلاً من الموقع الدقيق) في عملية أستهداف إبراهيم بياري. وصرح تسعة مسؤولين صهاينة وأمريكان في لقاءٍ صحفي بأن الكيان الصهيوني يستعمل أرض غزة في أختبار تقنيات الذكاء الأصطناعي بشكلٍ غير مسبوق، وتعد الأداة الصوتية مثال بسيط عن دور الذكاء الاصطناعي في الحرب.
ما خلف الكواليس: الشركات وردود الفعل على الكوارث المُرتكبة: غالبية الجهود المبذولة في تطوير أدوات الذكاء الأصطناعي هي نتاج التعاون بين الوحدة ٨٢٠٠ وجنود الأحتياط الذين يعملون بالأصل في شركات مهمة في مجالات التقنية والذكاء الأصطناعي مثل ميتا وقوقل ومايكرسوفت ووفقاً للمصادر المذكورة فقد أسست الوحدة ٨٢٠٠ مركزاً رئيسي يُطلق عليه أسم “الأستوديو” والذي فيهِ تُسخر جهوده لتطوير أدوات الذكاء الأصطناعي وكذلك يعد المركز حلقة وصل بين الخبراء في مجال الذكاء الأصطناعي والمهمة الرئيسية “للأستوديو” هي العمل على تكييف الذكاء الأصطناعي وأدواته مع العمل العسكري لتلبية المتطلبات والاحتياجات العسكرية.
فيما كان النظام الصهيوني يختبر ويطور الذكاء الأصطناعي في أرض المعركة بوتيرة متسارعة، صاحبَ أستعمال هذه الأدوات (الذكاء الأصطناعي) العديد من الأنتهاكات كعمليات الأعتقال الخاطئة، والوفيات في صفوف المدنيين، وعمليات تعريف خاطئة. قال مسؤولون دفاعيون أنه لم يسبق لأي جيش توظيف الذكاء الأصطناعي بهذه الوتيرة في ظل ظروف حرب حقيقة كما فعل الجيش الصهيوني، توظيف الذكاء الأصطناعي كآلة قتل في هذه الحرب يعطينا لمحة أولية عن كيفية توظيف مثل هذه الأدوات في الحروب المستقبلية وكما ستكون هذه التجربة درسٌ يُستنبطُ منها لمعالجة الأخطاء والاعطال التي تسبب بها الذكاء الأصطناعي في المدنيين الفلسطينيين نتيجةً لأتخاذ الاحتلال لهم كحقل تجارب.
رفضتا كل من ميتا ومايكرسوفت الإدلاء بأي تصريحات تتعلق بالجرائم المرتكبة في غزة بإستعمال الذكاء الأصطناعي، إلا أن شركة قوقل خرجت ببيانٍ مبررةً الأتهامات الموجهة نحوها بالتصريح التالي: “لدينا العديد من الموظفين الذين هم بالأصل جنود أحتياط لجيوشٍ متعددة في أنحاء العالم، ولا تتحمل قوقل مسؤولية ما يفعله هؤلاء الموظفون أثناء خدمتهم الأحتياطية في الجيش”.
وقال -آفي حسون- الرئيس التنفيذي لمنظمة “Startup Nation Central” التي تعمل في التواصل مع المستثمرين في الأراضي المحتلة، لقد لعب جنود الأحتياط الذين يعملون في مايكروسوفت وقوقل وميتا، دوراً أساسياً في في أبتكارات الذكاء الأصطناعي المتقدمة على المسيرات ونظم المعلومات، وأضاف أن جنود الاحتياط قد وفروا للجيش وصولاً لتقنيات متقدمة مهمة لم تكن متاحة لدى جيش الاحتلال.

دور الذكاء الأصطناعي في صناعة المسيرات الصهيونية: بدأ النظام الصهيوني قريباً بأدخال الذكاء الأصطناعي ضمن أسطول طائراته المسيرة القتالية للرفع من كفائتها, وقد صرح -آفيف شابيرا- الرئيس التنفيذي لشركة XTEND التي تعمل في صناعة المسيرات والبرمجيات بالتعاون مع الأحتلال، قائلاً أن خوارزميات الذكاء الأصطناعي قد أستُعمِلت على الطائرات المسيرة القتالية لتحسين قدراتها في تتبع الأهداف من على مسافةٍ بعيدة، وقال شابير “كانت عملية الأستهداف في السابق تعتمد على تركيز المشغل على الصور التي تنقلها المسيرة، ولكن من الأن فصاعداً يمكن للذكاء الأصطناعي التعرف وتتبع الهدف المُراد أستهدافه بِدقةٍ عالية، سواءاً إن كان الهدف سيارة متحركة أو فردٌ معين” وكذلك أضاف شابير قائلاً بأن عملاء الشركة الرئيسيون (الكيان الصهيوني والجيش الأمريكي) يَعون التداعيات الأخلاقية في إستعمال هكذا تقنيات في أرض المعركة.

اللغة العربية: محاولة العدو للتأثير على الرأي العام: وبحسب ثلاثة ضباط صهاينة، أن أحد الأدوات التي طورها “الأستوديو” كان أحد نماذج الذكاء الأصطناعي المُخصص لِلُغة العربية والذي يُصنف ضمن خانة LMM-leag language model النموذج اللغوي الكبير، ولقد واجه المطورون سابقاً صعوبات في تطوير هذا النموذج نظراً لأفتقادهم البيانات المطلوبة لتدريب الذكاء الاصطناعي على العربية وحتى وإن توفرت هذه البيانات فستكون باللغة العربية الفصحى والتي هي تختلف كثيراً عن اللهجات العربية الأكثر أنتشاراً بين السكان المحليين.
وَوفقاً لذات المصدر أعلاه، لم تواجه قوات الاحتلال مؤخراً مشاكل في هذا الخصوص، فلدى حكومة الكيان الصهيوني وصولاً واسعاً للمنشورات والمحادثات والرسائل باللغة العربية العامية الدارجة بين السكان والتي تعود لسنين طويلة ونتيجةً لذلك طور الكيان نموذج LLM او النموذج اللغوي الكبير في بداية الاشهر الاولى من الحرب على غزة وإلى جانبه صمم المطورون بوت خاص بالمحادثات -chatbot-قادر على الرد على الاستفسارات باللغة العربية، وهذا النظام كامل دُمِجَ مع قاعدة البيانات لتمكينه من القيام بعمليات تحليل معقدة لعدد هائل من الصور والفيديوهات.
فحينما أستشهد السيد حسن نصرالله في شهر أيلول الماضي، عَمِلَ بوت المحادثات -chatbot- هذا على تحليل ردود فعل الناطقين باللغة العربية في جميع أنحاء العالم العربي على أستشهاد السيد حسن نصرالله وكذلك أستطاعت هذه الأداة التمييز بين لهجات اللبنانييين لتقييم ما مدى تعاطف السكان تجاه الحدث وما إن كانت هنالك ضغوط من السكان لتوجيه ضربة إنتقامية.
وفي حالاتٍ مُعينة لم يستطع بوت المحادثات -chatbot- من التعرف على بعض المُصطلحات والكلمات الدارجة وقد أستُعيرت بعص المصطلحات صوتياً من اللغة الانكليزية إلى العربية (ملاحظة: يعرف عن اللبنانيين دمج المصطلحات بين اللغتين العربية والانكليزية وأستعارة بعض المصطلحات كذلك استخدام حروف اللغة الانكليزية والارقام لكتابة العربية او ما يعرف بالانكليزي المُعرَّب)، وأفادَ أحد الضباط في هذا الخصوص أنهم قد أستعانوا بضباط يتقنون لهجات مختلفة لتصحيح هذه الأخطاء ومعالجتها.
حيثُ ترتكب أداة بوت المحادثة -chatbot- في بعض الاحيان بعض الأخطاء فعلى سبيل المثال قد قد يعرض صورة أنابيب معتقداً أنها صورة لسلاح، إلا أن هذه الأداة قد سرعت وأختصرت عملية بحث وتحليل البيانات.
خاصية التعرف على الوجه وتحديد هوية الأشخاص: بعد السابع من أكتوبر والعمليات العسكرية في قطاع غزة، بدأ جيش الأحتلال بنصب نقاط تفتيش مؤقتة وكل نقطة تحتوي على كامرات بإمكانها إلتقاط صور بِدقةٍ عالية للفلسطينيين الذين يمرون من هذه الحواجز ومن ثم تُرسل هذه الصور إلى برنامج التعرف على الوجه المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وبحسب ما صرح به ضابطان صهيونيان من المخابرات الصهيونية، فأن النظام يواجه في بعض الاحيان صعوبات في التعرف على بعض الاشخاص الذين يغطون وجوههم، مِما أدى بالجيش الصهيوني إلى أعتقال وأستجواب عدد من الفلسطينيين الذي عرفهم النظام خطاءاً على أنهم متهمون.
أستعمل النظام الصهيوني الذكاء الاصطناعي في تصفية ومعالجة البينات التي جمعتها المخابرات حول عناصر حماس قبيل الحرب، حيث طور الكيان أداة ذكاء أصطناعي تدعى (لافندر-lavender), والغاية من تصميمها للتعامل بسرعة علية مع البيانات في عملية فرزها ولمساعدة المخابرات في التعرف على المقاومين، دُرِبت هذه الأداة بِشكلٍ أساسي على قاعدة بيانات تخص مقاتلوا حماس وكذلك تركز الأداة في التنبؤ على من قد يكون لديه أي أرتباطات بحماس.
وبحسب العديد من التقارير، تمكن جيش الأحتلال من جمع قائمة تحتوي على ٣٧الف هدف بشري بفضل أداة (لافندر-lavender) وبطبيعة الحال لم تكن هذه التوقعات في جمع الأهداف خالية من الأخطاء، وبالرغم من ذلك أستعان جيش الأحتلال هذه الاداة في بداية الحرب على غزة لمساعدته في أنتخاب الاهداف.
تعليق