ماهي خيارات “الجولاني” بعد التقارب السوري التركي؟.. تحركات سريعة لتأمين طريق “M4”
لا يزال مسار التقارب السوري – التركي، يتصدر المشهد الإعلامي، وسط موجة متضاربة من الأنباء، وتشكيك بحقيقة نوايا أنقرة بهذا التطبيع، وخاصة بعد توارد الأنباء عن تجديد دعمها “للمعارضة السورية”.
وبالتزامن مع الإجراءات التركية الرامية إلى احتواء “المعارضة” سواء كانت العسكرية المتمثلة بـ ما يسمى “الجيش الوطني” أو السياسية المتمثلة بـ “الائتلاف المعارض” و”الحكومة المؤقتة”، فإن المشكلة تبقى في “هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة” ومتزعمها المدعو “أبو محمد الجولاني”.
واعتبر محللون أن “الجولاني” الذي سبق وأعلن أنه يرفض التقارب السوري – التركي بالمطلق، ودعا فصائل “الجيش الوطني” إلى التعاون مع “الهيئة”، في محاولة لخلق واقع عسكري جديد يهدف إلى عرقلة هذا التقارب.
وقال المحللون، إن خيارات “الجولاني” محدودة، أحدها القبول بالأمر الواقع، ومحاولة إيجاد مكان له في الواقع السياسي والميداني الجديد الذي يتشكل في سورية.
أما الخيار الآخر أمام “الجولاني”، فهو الانسحاب من إدلب إلى مناطق ريف حلب الشمالي، التي زرع مؤخراً فيها موطئ قدم له، حيث أشارت الأنباء، إلى أن “الجولاني”، يستعدّ للمرحلة المقبلة، والتي قد تتضمّن الانسحاب من مناطق عدة في ريف إدلب، على خطوط التماس مع مواقع سيطرة الجيش السوري، مقابل التوسّع أكثر في ريف حلب.
في السياق، أشارت مصادر لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، إلى أنه تدور في الأوساط المعارضة نقاشات عدة عن إمكانية انخراط “الجولاني” وجماعته في المعارك مع “قسد”، مشيرة إلى أن “هذا الأمر يتطلب في البداية تشكيل غرفة عمليات موحّدة تجمع كلّ الفصائل، وهو مَنفذ يراه “الجولاني”، مقبولاً، كونه يضمن استمرار وجوده وجماعته، خصوصاً أنه اتخذ خلال الأعوام الثلاثة الماضية خطوات واسعة لنفض غبار القاعدة عنه، بإزالة مظاهر التشدّد عن مناطق سيطرته.”
وأشارت المصادر، إلى أن تمدّد “تحرير الشام” في ريف حلب، سواءً تزامن مع انسحاب من إدلب كاملة أو من بعض المناطق فيها، يفتح الباب أمام سيناريوات عدة تنتظر الشمال الشرقي من سورية، في ظلّ توسيع الولايات المتحدة نشاطها، الذي شكّلت إعادة التموضع في الرقة، وتغذية “قسد” بأسلحة نوعية من مثل مضادات الدروع، والتدريبات على مضادات الطيران.”
وتتقدّم تلك السيناريوات حسب المصادر، “إمكانية انتقال “الجولاني” إلى المعسكر الأميركي، في ظلّ وجود قنوات اتصال فعلية بينه وبين واشنطن، ظهرت بوضوح خلال عملية اغتيال قياديَين في “داعش” من بينهم زعيم التنظيم السابق الأبرز “أبو بكر البغدادي”، والذي اغتالته قوة أميركية في منطقة تخضع لسيطرة “تحرير الشام” في ريف إدلب قرب الحدود مع تركيا، وخليفته “عبد الله قرداش”، الملقّب بـ “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي” أيضاً.”
إلى ذلك، ذكرت المصادر أن ملف إدلب يعدّ من بين الملفّات التي لا تحتمل تجاهلاً أو تأجيلاً، بالنظر إلى ما يمثّله من أولوية بالنسبة لدمشق وموسكو، وحتى أنقرة التي تسعى إلى استثمار التقارب مع جارتها اقتصادياً عبر إعادة تفعيل خطوط تصديرها المعطَّلة إلى سورية وعبرها إلى دول الخليج العربية (الترانزيت).
وقالت المصادر: “كل ذلك يتطلّب تأميناً للطرق الرئيسة، ومن بينها طريق “M4” بفروعه كافة، سواء القسم الذي يقع جزء منه على خطوط التماس مع مواقع انتشار “قوات سوريا الديموقراطية – قسد” في الشمال الشرقي من سورية، أو الجزء الغربي منه، الممتدّ من حلب إلى اللاذقية، والذي تسيطر الحكومة السورية على معظمه، باستثناء جيب صغير تنتشر بمحاذاته نقاط عسكرية تركية عدة، إلى جانب مقرّات لـ “هيئة تحرير الشام”.”
وأشارت المصادر إلى أنه خلال الأسبوع الماضي، ظهرت تحركات جدّية من قبل الجيش التركي للتمهيد لفتح هذا الجزء من الطريق، عبر عمليات تمشيط مستمرّة لمحاوره، إضافة إلى دفع ثلاثة مقرات تابعة “للجولاني” إلى الانسحاب من محاذاته، غير أن هذه الإجراءات لن تكون كفيلة وحدها بتأمينه، على الرغم من تعهدات عدة سابقة أطلقها زعيم “تحرير الشام” بالالتزام بمسار “أستانة” ومنع تعرّض الطريق لأي هجمات، إذ تخشى أنقرة، من شنّ الفصائل “الجهادية” أو عناصر غير منضبطة فيها، هجمات انتقامية على “M4”.
وكشفت المصادر أن ضباطاً من الجيش والاستخبارات التركيَين عقدوا ثلاثة اجتماعات مع “الهيئة” خلال الأيام القليلة الماضية، مضيفة أن “الجولاني” أعاد تعهّده بتأمين الطريق، وعدم المساس بالنقاط التركية، في حال عدم التحرّك لممارسة ضغوط على جماعته أو السعي لإنهاء وجودها، متابعة أن الوفد التركي تلقّى مجموعة من الأسئلة التي يريد “الجولاني” الإجابة عليها، ومن بينها إمكانية إدخاله وجماعته في مسار الحل السياسي، وهي أسئلة لم يتلقَّ زعيم “تحرير الشام”، أي ردّ عليها.
يذكر أن طريق حلب – اللاذقية الدولي أو M4، هو طريق دولي يصل بين مدينتي حلب واللاذقية في سورية وصولاً إلى اليعربية على الحدود العراقية، ويسير بموازاة الحدود التركية، ويتقاطع في إدلب مع طريق حلب – حماة الدولي (M5)، حيث يتشارك معه بـ 60 كم.
اقرأ أيضا”: بالإتاوات والرسوم.. “الجولاني” يجمع مليون دولار من جيوب المزارعين في إدلب
تعليق