قُتل خليفة تنظيم داعش، أبو حسن الهاشمي؛ من كان وماذا فعل؟
أعلن المتحدث باسم داعش أبو عمر المهاجر، أمس، في رسالته الرابعة بعنوان “فيقتلون ويقتلون”، مقتل أبو الحسن الهاشمي القرشي زعيم تنظيم داعش، وخلافة أبو الحسين الحسيني القرشي. وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها تنظيم داعش مقتل أميره أو خليفته قبل أن تزعم أمريكا بذلك، وهذا يدل على أن الجماعة أو القوة التي قتلت زعيم داعش لم تكن تعلم من الذي قتلته وذلك لأنهم لو كانوا يعلمون لاستفادوا بالتأكيد من إعلان هذا الخبر بأفضل طريقة!
أشهر قليلة من الخلافة:
تم الإعلان عن خبر مقتل الخليفة السابق لداعش، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، بكافة التفصيلات وحتى مع نشر صور جثته في 3 شباط \ فبراير 2022 من قبل الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن. الخبر الذي استغرق شهراً ليتم تأكيده من قبل داعش. وفي 10 آذار \ مارس 2022، نشر معهد الفرقان، أحد المراكز الإعلامية الرئيسية لداعش، والذي عادة ما ينشر الرسائل الرسمية لهذه المجموعة، رسالة صوتية بعنوان “فمنهم من قضى نحبه” والتي قرأها الناطق الجديد باسم تنظيم داعش أبو عمر المهاجر. وأكد أبو عمر المهاجر في هذه الرسالة مقتل أبو إبراهيم القرشي الخليفة السابق لداعش، وأعلن أن أهل الحل والفصل في داعش بايعوا شخصاً اسمه “أبو الحسن الهاشمي القرشي” وهو واحد من قدماء داعش. وبعد إعلان مقتل أبو إبراهيم الهاشمي نشر أبو عمر المهاجر رسالتين صوتيتين أخريين في أوقات مختلفة حتى نشر رسالته الرابعة في 30 تشرين الثاني \ نوفمبر بعنوان “فيقتلون ويقتلون” وجاء فيها إعلان مقتل أبو الحسن الهاشمي القرشي ومبايعة أهل الحل والفصل في داعش لـ”أبو الحسين الحسيني القرشي” كخليفة لداعش. وبالنظر إلى هذه المسألة، يمكن القول أن أبو الحسن الهاشمي كان خليفة لداعش ومسؤولاً عن شؤون هذا التنظيم لنحو 8 أو 9 أشهر.
من هو أبو الحسن الهاشمي؟
نعلم أنه بعد مقتل أبو بكر البغدادي، لم تنشر داعش أي صور أو تسجيلات صوتية لخلفائها. لذلك فإن التكهنات حول شخصية أو حتى صورة خلفاء داعش في وسائل الإعلام هي قضية غامضة. وقد أثيرت هذه المسألة حول أبو إبراهيم الهاشمي، كما أثيرت بشكل أكبر حول أبو الحسن الهاشمي، وذلك لأن أبو عمر المهاجر ذكر في بيان “إعلان خلافة أبو الحسن الهاشمي” أنه لا يستطيع الكشف عن الاسم الحقيقي لأبو الحسن الهاشمي لأسباب أمنية. وفي غضون ذلك اعتبر البعض، أبو الحسن الهاشمي “بشار خطاب غزال الصميدعي” أو ذاته “حجي زيد”، فيما اعتبره آخرون “زياد جوهر عبد الله” أو ذاته “أبو حارث العراقي” أحد الباقين من الصف الأول لداعش في اللجنة المفوضة لداعش كأهم مؤسسة بعد الخليفة. واعتبر البعض أبو الحسن الهاشمي هو “جمعة عوض البدري” شقيق أبو بكر البغدادي ونشرت رويترز هذا الخبر بعد يوم من إعلان خلافة أبو الحسن الهاشمي نقلاً عن مسؤولين عراقيين.
من قتل أبو الحسن الهاشمي؟
هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها تنظيم داعش مقتل زعيمه قبل أن تزعم الولايات المتحدة قتل أمير أو خليفة لداعش، وهذا يدل على أن الجماعة أو القوة التي قتلت زعيم داعش لم تعرف من قتلت وذلك لأنه لو كانت على علم لكانت استفادت من إعلان هذا الخبر بأفضل طريقة. ويأتي هذا على الرغم من عدم إفصاح داعش عن أي معلومة عن الزمان والمكان وعن قاتل أبو الحسن الهاشمي. في الحقيقة، زعمت بعض وسائل الإعلام التركية في أيار / مايو 2022، بعد شهرين من إعلان خلافة أبو الحسن الهاشمي، أنها اعتقلت شخصاً يعتقد أنه خليفة داعش في اسطنبول. حيث أعلنت وسائل إعلام تركية عن اعتقال جمعة عواد البدري شقيق أبو بكر البغدادي، ويعتقد أنه ذاته أبو الحسن الهاشمي. بينما كانت الصورة التي قُدمت عنه هي الصورة التي قيل أنها تخص الصميدعي. وبعد ثلاثة أشهر، في أيلول \ سبتمبر 2022، أعلن أردوغان اعتقال الصميدعي، لكنه لم يذكر أنه هو نفسه أبو الحسن الهاشمي، بل وصفه بأنه أحد قادة داعش الرئيسيين. وباعتبار أن تركيا امتنعت عن تسمية الشخص المعتقل بأنه خليفة لداعش واعتبرت أنه على أي حال تم القبض على هذا الشخص ولم يقتل، فمن الصعب قبول أن الرسالة الصوتية الأخيرة لداعش هي ذاتها مرتبطة بما أعلنه الإعلام التركي وأردوغان. خاصة إذا تم القبض على خليفة داعش، فمن المحتمل أنه بعد إصدار مثل هذا التصريح من داعش، فإنها ستقر بعكس ذلك. القضية أن داعش لا يبدو أنه يقبل المخاطرة بإصدار بيان بمقتل خليفته على الرغم من أسره. ومن جهة أخرى، كشف أبو عمر المهاجر في بيان “فيقتلون ويقتلون” الصادر في 30 تشرين الثاني \ نوفمبر ضمنياً كيف قتل أبو الحسن الهاشمي، ويقول إنه قتل في اشتباك حيث قتل أثناء الاشتباك عدة أشخاص، مما يضعف خيار قتل الخليفة أو موته في السجن، على سبيل المثال في السجون التركية.
تطورات تنظيم داعش خلال الأشهر القليلة الماضية لخلافة أبو الحسن:
إن ما يمكن رؤيته خلال الأشهر القليلة في خلافة أبو الحسن الهاشمي، هو التطورات التي تشهدها أنشطة داعش على مستوى إفريقيا. حيث أنه بعد إعلان خلافة أبو الحسن الهاشمي، تم الإعلان عن إنشاء ولاية الساحل وفصلها عن ولاية غرب إفريقيا، وكذلك إنشاء ولاية موزمبيق وفصلها عن ولاية وسط إفريقيا. وقد كانت هذه القضية بلا شك بسبب تطور أنشطة تنظيم داعش في القارة السمراء ومنح المزيد من الاستقلالية لكبار عناصر التنظيم في مناطق نشاطهم. ومن العمليات المهمة الأخرى لتنظيم داعش خلال خلافة أبو الحسن الهاشمي إطلاق عملية “الثائر للشيخين” (الانتقام من أجل الشيخين وهما أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم القرشي) والتي استمرت قرابة أسبوعين خلال شهر رمضان. وخلال هذه الفترة زاد عدد عمليات داعش بشكل ملحوظ. وهذا على الرغم من انخفاض عدد عمليات داعش ونتائجها بشكل كبير في الشهر الماضي، باستثناء إفريقيا. ومن جهة، قد تكون هذه المسألة مرتبطة بالعمليات المكثفة التي تقوم بها القوات الأمنية العراقية في مناطق تلال حمرين وجبال مكحول وغيرها من الأماكن المعروفة بكونها بؤر لتواجد داعش. ولكن هذا الانخفاض الكبير في العمليات قد يكون بسبب الشكوك حول موضوع الخلافة بعد انتشار خبر مقتل أبو الحسن الهاشمي، في صفوف تنظيم داعش، وهي مشكلة أجبرت داعش على معالجة هذه المسألة في بيان صوتي.
ضرورة البيعة:
مما لا شك فيه أن الخلافة في داعش لا يمكن اعتبارها قيادة كاريزمية وواسعة المعرفة، فداعش تحب تصوير خلافة الخلفاء الأوائل، الخلفاء الذين لم يكن لديهم أي نوع من وسع المعرفة والكاريزما بين الصحابة العظام لرسول الله (ص)، لذلك، يرى الكاتب أن أي شخص يريد تحليل القيادة في داعش باستخدام النهج الكاريزمية، فربما يكون في المسار الخطأ. و لكن المهم هو أن البيعة في نظر داعش هي أمر حيوي، مستندةً إلى رواية “من مات وليس في عُنقِهِ بيعةٌ فإنَّ مِيتتَهُ جاهليةٌ”. ومن هذا المنطلق، على الرغم من عدم وجود قيادة كاريزمية في داعش وكذلك تحرك داعش نحو نوع من اللامركزية والاستقلال النسبي في الأنشطة والعمليات في مختلف المناطق (كما تسعى القاعدة)، فإن شرعية داعش للخليفة والبيعة للخليفة، هي مسألة لا يمكن التغاضي عنها بسهولة. لذلك، قد يكون من الممكن ربط الأنشطة الصغيرة لداعش خلال الشهر الماضي بالشكوك والتردد داخل داعش، وهو ما حدث على الأرجح بسبب انتشار أنباء مقتل أبو الحسن الهاشمي في التنظيم نفسه، الأمر الذي أدى في النهاية إلى إجبار داعش لإعلان موت خليفته قبل إعلان قوة دولية أو إقليمية لذلك.
مقتل الهاشمي والظواهري:
نعلم أنه قبل أشهر قليلة أعلن الأمريكيون أنهم قتلوا أيمن الظواهري في كابول، وهي قضية لا يكاد أحد يشك في حدوثها، على الرغم من أن الخطاب الرسمي للقاعدة لم يعلن رسمياً بعد عن قضية مقتل الظواهري! ومع ذلك، فإن القيادة في القاعدة هي الإمارة وليست الخلافة، وولاء القاعدة في نهاية المطاف لأحد ما مثل طالبان الأفغانية. ولكن على أي حال، فإن إبقاء قضية مقتل الظواهري في الخطاب الرسمي للقاعدة يمكن أن يُخل ويزلزل شرعية القيادة في هذه الجماعة ولكن في هذا الطرف، حاول تنظيم داعش معالجة فقدان القيادة بسرعة حتى لا يُضر مسألة الشرعية. وبالنظر إلى المنافسة الشرسة بين داعش والقاعدة في إقناع وجذب رأس المال الاجتماعي كل طرف لصالحه، فإن هذا التحرك من قبل داعش في الإعلان رسمياً عن مقتل الخليفة والإعلان عن خليفة جديد يمكن أن يضع الكرة في ملعب رأس المال الاجتماعي للقاعدة والتي تعتبر مُعلقة من حيث القيادة ومن المحتمل مع هذا الإعلان أن يميل داعش نحوها.
تعليق