سيناريو إزالة الحشد الشعبي؛ الجزء الأول
لماذا يريدون إزالة الحشد الشعبي؟منذ بداية تشكيل الحشد الشعبي إلى الآن وخاصة بعد الانتصار على قوات داعش الإرهابية، كان السعي كبيراً لإيجاد طريقة مخفية لإزالة و حل مؤسسة الحشد الشعبي في العراق. كان هذا السعي من قبل أمريكا، السعودية، الكيان الصهيوني وبعض التيارات والمجموعات السياسية داخل العراق وهنالك أدلة و إثباتات عديدة تؤكّد ذلك. وبعنوان […]
لماذا يريدون إزالة الحشد الشعبي؟
منذ بداية تشكيل الحشد الشعبي إلى الآن وخاصة بعد الانتصار على قوات داعش الإرهابية، كان السعي كبيراً لإيجاد طريقة مخفية لإزالة و حل مؤسسة الحشد الشعبي في العراق. كان هذا السعي من قبل أمريكا، السعودية، الكيان الصهيوني وبعض التيارات والمجموعات السياسية داخل العراق وهنالك أدلة و إثباتات عديدة تؤكّد ذلك.
وبعنوان مثال يمكننا الاشارة إلى الهجمات التي حصلت خلال الأشهر الماضية من قبل المُسيّرات التابعة للكيان الصهيوني على مقرات الحشد الشعبي وكذلك الشرط الأمريكي بتسليم أسلحة مجموعات الحشد الشعبي مقابل تمديد إعفاء العراق من العقوبات الإيرانية. ومنذ فترة قريبة قامت وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على أربع شخصيات عراقية مدعيةً مخالفتهم حقوق الإنسان وثلاثة من هؤلاء الأشخاص هم قادة في الحشد الشعبي(1). ضمن هذ المذكّرة سوف نبحث عن سبب وجود هذا السعي لإزالة الحشد الشعبي العراقي.
– التشكيل خارج عن العمليات التقليدية
يعتبر الحشد الشعبي الأول والوحيد من المؤسسات العسكرية والدفاعية العراقية حيث أنها مستقلة عن العمليات الموجودة مثل الناتجة عن التوافق بين تيارات سياسية، التواطؤ والفساد الاقتصادي أو البرامج لأهداف أمريكا في العراق. ومع أن هنالك مجموعات عسكرية ارتبطت بالحشد الشعبي وهي بالاصل مرتبطة ببعض القادة الدينيين و السياسيين، ولكن الروح المهيمنة على قوات الحشد الشعبي مستقلة تماماً عن التقسيمات الموجودة في العراق. هذا الشكل يعتبر مشكلة وتهديد حقيقي بالنسبة لأمريكا و ذلك كونه مصمماً لفائدة الهياكل والأنظمة الحالية في العراق.
– هيئة اجتماعية واسعة النطاق
تشكل الحشد الشعبي من أغلب محافظات العراق حتى من المناطق السنّية للعراق. ومع ذلك كان دور و وجود وتأثير شيعة العراق أكبر بكثير من البقية. وبهذا الشكل فإن الحشد الشعبي يُعتبر المؤسسة الوحيدة والتشكيل الوحيد الذي يتكون أعضاؤه من كافة و أغلب المدن العراقية. ومن جهة أخرى وجود مكاتب لتمثيله وجلب القوات في كافة المناطق المختلفة العراقية يُعتبر نقطة قوة أيضاً. هذه الخاصية جعلت من التيارات السياسية مثل تيار الصدر يعتبر الحشد الشعبي منافس حقيقي في التكوين الاجتماعي.
– البنية الأساسية العقيدة والوحدة
يعتبر الحشد الشعبي هو الكيان الوحيد الذي تشكل بعيداً عن التابعية السياسية والدينية أو العشائرية. ولكن أساس تشكيله يعتمد على العقيدة الوطنية-الدينية ولهذا السبب سنحت الفرصة لاتحاد المجموعات المختلفة وتوحيد اتجاهاتهم. التعدد الكبير في التيارات الدينية والسياسية في العراق كان سبباً في دخول البلد في منازعات سياسية داخلية والذي استفاد من هذه الخاصية للمجتمع العراق هو أمريكا ومن يخطو خطاها. ومع تشكل الحشد الشعبي بعنوان تيار جديد ومخالف للممارسات السابقة من الطبيعي وجود معارضين كثر.
– عامل ثقة المجتمع العراقي
بعد دخول داعش للعراق والهزائم المتتالية للجيش العراقي ساد جو من الإحباط في المجتمع العراقي وكان كل الناس يبحثون عن وسيلة لتعويض تلك الإخفاقات. ومع إصدار المرجعية حكم الجهاد الكفائي لمواجهة داعش سارع أغلب الشباب العراقي والذين يتمتعون بحافز كبير وهو تلافي الإخفاقات للتطوّع لتشكيل المجموعات المختلفة للحشد الشعبي. هذا الحدث جعل من الحشد الشعبي رمزاً للثقة الوطنية العراقية. حتى خلال الاحتجاجات الأخيرة فإن تجربة الانتصار على داعش كان محفزاً على ثقة الشباب العراقي بنفسه من أجل مواجهة المشكلات السياسية والاقتصادية. وجود الثقة الوطنية في المجتمع العراقي يعني التحرك نحو الاستقلالية والاعتماد على الشباب وهذا الأمر بدوره سيبدل البلد إلى دولة قوية. وإذا أصبح العراق مستقلاً وقوياً فإن هذا الأمر يعارض مصالح أمريكا والسعودية. وذلك لأن أمريكا تدّعي عدم وجود الأمان في العراق وهذا هو سبب بقائها هناك. ومن جهة أخرى ترى السعودية أيضاً أن العراق منافس منذ زمن طويل لها على قيادة الدول العربية.
– الانتماء لمكانة و رمزية المرجعية
بالنظر للدور المؤثر للمرجعية في تشكيل الحشد الشعبي فإن تعزيز قوة الحشد الشعبي يعني تعزيز قوة ومكانة المرجعية في العراق. من الواضح أنّ الدول مثل أمريكا والسعودية لاتقبل بأي وجه من تعزيز قوة ومكانة المرجعية الشيعية في العراق و يرون بأن هذا يعرض مصالحهم للخطر. من جهة أخرى هنالك بعض التيارات السياسية أيضاً كانت تعارض تعزيز مكانة وقوة المرجعية الشيعية في العراق وبالتالي يعارضون الحفاظ على قوة الحشد الشعبي. وكذلك تيار الصدر الذي يسعى لحجب دور المرجعية الفعلية العراقية ويقدم الحجج الواهية مثل المرجعية العربية وغير العربية مما يجعله يسعى لحل الحشد الشعبي أيضاً.
– منافس أمني وعسكري لأمريكا
اكتسب الحشد الشعبي خلال معاركه مع داعش هيكلة جديدة إضافة لما اكتسبه من خبرة وتجربة أمنية ومخابراتية. على سبيل المثال استطاعت قوات المخابرات في الحشد الشعبي كشف المؤامرات المختلفة قبل الاحتجاجات الأخيرة وأحبطتها ومن ضمنها وأهمها مؤامرة الانقلاب العسكري لبعض كبار القادة العسكريين في العراق. ومن ناحية أخرى أحد الاختناقات المهمة استيلاء أمريكا على قطاعي الأمن والمخابرات بشكل شركات خاصة وحكومية. مثل الشركات الأمنية لحماية الطرق السريعة والمطار الدولي و نظراً لقوة الحشد الشعبي سوف يجعله ذلك منافساً خطيراً لأمريكا للسيطرة على هذه الأماكن.
– امتلاك القدرة على البناء وإعادة إعمار البنى التحتية
تعززت التجربة لقوات الحشد الشعبي في البناء خلال هذه السنوات وبالإضافة لإمتلاك معدات مناسبة و المُحرض الأبرز لهم هو إعادة إعمار وإنعاش المناطق التي تهدمت خلال الحرب. وبوجود هذه القدرة يمكن تأمين إكمال بعض المشاريع للبنى التحتية إذا استقرت الحكومة السياسية الصحيحة بغض النظر عن التواطؤ السياسي والاقتصادي. بشكل طبيعي توجه العراق نحو التحضر وإعادة الإعمار يعني التحرك لإنشاء دولة مستقلة وذات سيادة وهذا الأمر ضد مصالح أمريكا ومن يمشي على خطاها.
– القدرة على جذب الشباب والاعتماد عليهم
من الممكن اعتبار أن هذه الخاصية للحشد الشعبي هي الأبرز التي جعلت الكثير يحيك له المؤامرات وهي القدرة على جذب الشباب العراقي. جمع الشباب العراقي حول أهداف سامية، يعني بناء الجيل المستقبلي للعراق للصراع والمواجهة مع أي عدوان وظلم.كما أن الميزات الشبابية تجعل الشباب العراقي ينتشر في المجتمع بروح شبابية مندفعة ويصبح خطابهم هو السائد في المجتمع.
هنالك عدة أمور أيضاً نستطيع سردها كدليل على وجود سعي لحل وإزالة الحشد الشعبي، مثل الارتباط العقائدي مع الجمهورية الاسلامية أو وجود بعض القادة الكبار في الحشد الشعبي لديهم رابطة قوية وقريبة مع إيران. وبهذا الشكل فإن الهدف الأساسي للمذكرة هو ذكر الأدلة المرتبطة بالداخل للمجتمع العراقي والعوامل الرئيسية الموجودة داخل العراق نفسه.
……………………………………………………………………………………………………………………………….
(1)سوف نشير إلى البنود والأمثلة بالتفصيل ضمن الجزء الثاني للمذكّرة.
مذكّرة: أزرقي
تعليق