“عرين الأسود” جماعة جديدة لكن صخبها كبير في أدبيات المقاومة الفلسطينية
يسمع في الضفة الغربية هذه الأيام زئير الأسود الذي لم يسبق له مثيل من قبل. أسود، عادة ما تسير ليلاً في عرين نابلس وبأنشطتها أو تحفيزها لمجموعات المقاومة الأخرى، تسلب النوم من عيون الكيان الصهيوني. وحجم العمليات في هذا الشهر فاجأ الكيان المزيف؛ وعلى سبيل المثال، في 13 تشرين الأول \ أكتوبر وحده، سُجلت أكثر من 50 عملية مقاومة ضد الجنود الصهاينة والمستوطنين في مختلف المناطق بالأراضي المحتلة، وفي 18 تشرين الأول \ أكتوبر، تم الإعلان عن 7 عمليات إطلاق نار و 15 اشتباكاً في الضفة الغربية. وفي كل هذه الحالات، يتضح دور مجموعة “عرين الأسود” المنشأة حديثاً كمنفذ للعملية أو كمحفز لكافة المجموعات الفلسطينية الأخرى.
خلفية ظهور عرين الأسود
بحسب صحيفة “هآرتس”، في مطلع العام الجديد، لاحظ جهاز أمن الكيان الصهيوني زيادة في عمليات إطلاق النار على أهدافه العسكرية في نابلس. وعزت الأوساط العسكرية والأمنية التابعة للكيان هذا التزايد في العمليات إلى جماعة “كتيبة نابلس” التي كثفت نشاطها في هذه المدينة.
وقد قرر جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” تنفيذ عمليات كبيرة في نابلس لقمع التحركات.
كما ورصد جهاز استخبارات الكيان المزيف أربعة أشخاص في نابلس ينوون القيام بعملية ضد الصهاينة.
وفي النهاية، مساء يوم 8 شباط \ فبراير، دخلت قوات اليمام (وحدة شبه عسكرية إسرائيلية عالية التدريب في شرطة الحدود الإسرائيلية) مدينة نابلس لاعتقال هؤلاء الأربعة أو قتلهم. وخلال اشتباكات ذلك اليوم استشهد أشرف المبصلت وأدهم مبروكة ومحمد الدخيل ولكن لا أنباء عن الشخص الرابع!
لقد أراد هذا الكيان المزيف وهو مخمور إثبات قوته في الردع من خلال هذه الجريمة، وبالمناسبة حظيت هذه العملية باهتمام رسمي من حكومة هذا الكيان المزيف وغطتها وسائل الإعلام العبرية لساعات طويلة. ولكنهم لم يعلموا أن هذه العملية واستشهاد ثلاثة من رفاق “محمد العزيزي” من شأنها أن تشعل في ذهنه شرارة تشكيل جماعة مناضلة.
ووفقاً لكثيرين، كان محمد الدخيل صديقاً مقرباً جداً لمحمد العزيزي “أبو صالح” (23 عاماً)، وكان استشهاده بداية تفكيره في إنشاء جماعة مناضلة.
وبعد استشهاد أشرف المبصلت وأدهم مبروكة ومحمد الدخيل، بحثت الأجهزة الأمنية والعسكرية للكيان بما في ذلك قوات غيفاتي ويمام ووحدات المستعربين “دوفديفان” والشاباك وناحال عن الشخص الرابع لمدة 6 أشهر، وبنهاية المطاف وبعد ستة أشهر من الأعمال الاستخبارية والعمليات المختلفة استشهد الشخص الرابع في 9 آب \ أغسطس خلال عملية مشتركة لقوات يمام وغيفاتي في نابلس.
والشخص الرابع ليس سوى “إبراهيم النابلسي” الملقب بـ”أسد نابلس”.
وقد سجّل إبراهيم تسجيلاً صوتياً له قبل لحظات من استشهاده ونشره. وكانت وصية إبراهيم الأخيرة لعائلته ورفاقه “أحبك يا أمي، أيها الرفاق حافظوا على الوطن من بعدي، وأوصيكم بعدم إلقاء أسلحتكم. أيها الرفاق أنا محاصر وسأستشهد.”
وبعد تحقيق مفصل لجيش الكيان الصهيوني أعلن أن إبراهيم النابلسي عضو في جماعة لم تكن معروفة حتى الآن!
حيث أصبحت هذه العلامة سؤالاً كبيراً لسلطات الكيان الصهيوني! لأي جماعة ينتمي ابراهيم النابلسي؟
جماعة أسسها منذ زمن طويل محمد العزيزي وفي الحقيقة استشهد قبل إبراهيم بأسبوعين. وفي النهاية، بعد شهر من استشهاد إبراهيم، دعت جماعة عرين الأسود الناس للتجمع يوم الجمعة 2 أيلول \ سبتمبر، تزامناً مع اليوم الأربعين لاستشهاد محمد العزيزي الملقب بأبو صالح، بعد صلاة العصر في شارع “حطين” في نابلس. وعند العاشرة في مساء ذلك اليوم، رأى الناس شباناً يرتدون ملابس سوداء ويربطون قطعة قماش حمراء فوق فوهة بنادقهم، ما يعني أننا لن نطلق أي رصاص بلا هدف. وهم أسود عرين نابلس الذين اختاروا لأنفسهم اسم “عرين الأسود”.
نبذة عن عرين الأسود
لا تتوافر الكثير من المعلومات عن جماعة عرين الأسود حديثة التأسيس، ولكن في يوم الإعلان عن وجودها، قدموا الشهيد “محمد العزيزي” كمؤسس لجماعتهم، وقدموا رؤيتهم من خلال ثلاث نقاط، أولها أن أعضاء هذه المجموعة سيتبعون إرادة ووصية الشهداء ولن يلقوا السلاح أبداً ولن يتوقفوا عن النضال ولو للحظة. ثانياً، في وصف أسلحتهم، يقولون أيضاً إن الرصاصة لن تخرج من هذا السلاح إلا لاستهداف المحتلين والمستوطنين، ويعتبرون أن أي إطلاق نار على غير هذا الهدف معناه ترك المجموعة، ويدينون أي استغلال للتجار بحثاً عن المال بذريعة دعم المجاهدين، وثالثاً خاطبوا أعضاء الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية، قائلين: إنهم إخواننا ولن نوجه أسلحتنا إليهم.
وشعار هذه المجموعة ” نضال حتى الشهادة، يسقط سلام غصن الزيتون وعاشت البندقية، النضال حتى الشهادة”
ميزات عرين الأسود
في وصفه لتعقيد هذه المجموعة، كتب المحلل الصهيوني تل لو رام في صحيفة معاريف: من الصعب جداً على مؤسساتنا العسكرية والاستخباراتية فهم نظام هذه المجموعة، لأنه على عكس المنظمات الموجودة والمعروفة، من حيث النطاق، فهي تُشكل مفهوماً جديداً وغريباً.
هدف من هذه المجموعة هو محاربة الكيان الصهيوني، مع الحفاظ على الاستقلال التام وعدم الانتماء لجميع فصائل المقاومة، فهم يحترمونهم جميعاً وقادتهم، ويوم الإعلان الرسمي ذكروا جميع الشهداء أحمد ياسين، فتحي الشقاقي وأبو علي مصطفى وياسر عرفات، وهم يتلون الآية (وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا)، وأعلنوا عن خطتهم أن المعركة الموحدة تحت راية (لا اله الا الله و محمد رسول الله) ضد الكيان الزائف.
كما أن عرين أسود نابلس يشيعون شهداءهم فقط بالعلم الفلسطيني ويمتنعون عن استخدام أي علم لفصائل المقاومة المختلفة، مما يعني أيضاً الوحدة من أجل حرية فلسطين وتحقيق هدف واحد.
بل إن البعض يعتقد أنه ربما في المستقبل ستفعل عرين الأسود الشيء ذاته في الضفة الغربية وأراضي 1948 الذي تفعله “الغرفة المشتركة” في غزة. أي جمع كل المجموعات في غرفة عسكرية مشتركة بعيداً عن الاختلافات.
السمة المميزة لعرين الأسود مقارنة بمجموعات المقاومة الأخرى
أولاً أعضاء هذه المجموعة هم من الشباب وبحسب صور الشهداء تتراوح أعمار أغلبهم بين 18 و 24 عاماً.
ثانياً، هذه المجموعة لا تنتمي إلى أي فصيل وليس لها مصالح حزبية، كما أنها لا تتعارض مع أي فصيل بما في ذلك الجهاز الأمني.
ثالثاً، يولي أعضاء هذه المجموعة اهتماماً خاصاً لشبكات التواصل الاجتماعي وينشطون بشكل خاص على Tik Tok. وأعلنت القناة 13 ظهر يوم 13 تشرين الأول \ أكتوبر، أن الكيان المزيف أغلق حسابات عرين الأسود على تيك توك، وهو دليل على تأثير هذه المجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
بالطبع، بعد ساعات، أعلنت هذه المجموعة على قناتها على Telegram أثناء قراءة هذا المقال أن هذه المجموعة ليس لديها أي حساب على Tik Tok وأنهم يعتمدون على الناس الذين سينقلون رسالتهم للآخرين بأي طريقة ممكنة وبحسب إيلون بن دافيد، المحلل العسكري في صحيفة معاريف: فإن مجموعة عرين الأسود هذه الأيام لم تنجح فقط في خلق سلسلة من العمليات الناجحة والقاتلة، بل وأشعلت الصراع في جميع مناطق الضفة الغربية وحتى في القدس.
عمليات عرين الأسود
تعود شهرة هذه المجموعة إلى عدد عملياتها وشدتها. وفي سجل هذه المجموعة نحو 30 عملية مسلحة منذ يوم الإعلان عن وجودها في 2 أيلول \ سبتمبر من العام الحالي وحتى الآن أي ما يقرب الشهرين. وعلى سبيل المثال، في 11 أيلول \ سبتمبر قامت مجموعة عرين أسود نابلس بعملية في منطقة شافي شمرون في الساعة 13:00 وبعدها نفذت عملية في دير شرف. ومن ثم في تمام الساعة السابعة من ذات اليوم نفذوا العملية الثالثة في مرتفعات جرزيم، ثم في كدوميم، وأخيراً عند الساعة الثامنة مساءً، نفذوا العملية الخامسة في قرية بيتا وبذلك تكون هذه المجموعة قد نفذت 5 عمليات في يوم واحد، قتلت في إحداها جندياً صهيونياً، وألحقوا بالقوات الصهيونية خسائر وأضرار بحجم العمليات.
حيث تتمتع هذه المجموعة الشابة بدعم غير مسبوق بين الناس ولفتت انتباه الجميع بسبب عملياتها المتتالية. وبحسب قناة الجزيرة، في ذات اليوم أي الثاني من أيلول \سبتمبر، تواجد حوالي خمسة آلاف شخص في شارع حطين لدعم هذه المجموعة. كما وأصبحت عمليات هذه المجموعة ذات أهمية إخبارية كبيرة بين الفلسطينيين والصهاينة على حد سواء، بحيث أصبحت في هذه الأيام عنواناً ثابتاً في الصحف العبرية وإدارات الإعلام واللقاءات التلفزيونية في الكيان. والآن علينا أن ننتظر ونرى كيف ستفاجئ أسود نابلس الملثمة، الكيان المزيف في المستقبل وما هي خطتهم لمواصلة النضال.
تعليق