ما هي السيناريوهات المحتملة للحرب بين روسيا والغرب في المستقبل؟ وإلى ماذا ستؤول الحرب في أوكرانيا؟
الجوانب الداخلية والخارجية للصراع في أوكرانيا لها أبعاد مختلفة، ويتطلب تحليلها، تحليل القضايا السياسية والعسكرية داخل وخارج أوكرانيا والقارة الأوروبية والعالم.
يمكن تقسيم وتحليل أبرز الأبعاد والقضايا المتعلقة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، من التطورات في الجبهتين الشرقية والجنوبية لأوكرانيا إلى أزمة الطاقة في أوروبا والعقوبات ضد روسيا وغيرها، إلى ثلاث فئات:
1- الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا بدعم من الدول الغربية في شرق وجنوب أوكرانيا.
2- المواجهة بين روسيا وأوروبا في مجال الاقتصاد والطاقة.
3- المواجهة بين روسيا وأمريكا على المستوى العالمي.
1- الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا بدعم من الدول الغربية في شرق وجنوب أوكرانيا:
يمكن رؤية الصراعات العسكرية القادمة في حرب أوكرانيا من خلال العديد من السيناريوهات المحتملة في مختلف الجبهات الشرقية والجنوبية والشمالية وحتى الغربية من أوكرانيا. حيث أن الحد من الهجمات الروسية والتهدئة على معظم الجبهات الأوكرانية، وانسحاب الروس من المناطق الشرقية لمقاطعة خاركيف، وإعلان التعبئة العامة الجزئية في روسيا من قبل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كلها تشير إلى أن الروس يستعدون لجولة جديدة من هجماتهم في أوكرانيا.
حيث تنتظر روسيا جميع المتطلبات الأساسية لبدء جولة الحرب هذه، في خريف أو شتاء هذا العام، ولكن على أي جبهة أو جبهات ستبدأ الجولة الجديدة من الهجمات، فذلك لم يتضح بعد. لذلك، تتضمن السيناريوهات المحتملة للهجمات الروسية الجديدة على أوكرانيا ما يلي:
أ- الجبهة الشرقية: من أجل استكمال عملياتها في منطقة دونباس، يواصل الجيش الروسي تقدمه في شمال مقاطعة دونيتسك ومن خلال السيطرة الكاملة على مدن سلافيانسك وكراماتورسك وباخموت وكونستانتينوفكا وغيرها في مقاطعة دونيتسك، سيعلن أنه وصل إلى أحد أهدافه المهمة في حرب أوكرانيا، ألا وهو السيطرة على دونباس.
ب- الجبهة الجنوبية: سيكمل الجيش الروسي عملياته في مقاطعات زابوروجيا وخيرسون وميكولايف، ويوفر الأرضية لدخول مقاطعة أوديسا وفي النهاية الاتصال بحدود مولدوفا وجمهورية ترانسنيستريا.
ج- الجبهة الغربية: سيدخل الجيش الروسي الجبهة الغربية لأوكرانيا بمساعدة بيلاروسيا وسيعمل بهدف قطع حدود أوكرانيا مع بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا. حيث تبدو احتمالية هذا السيناريو منخفضة للغاية، ولكن بالنظر إلى عملية روسيا في شمال أوكرانيا والنية الكبيرة للاستيلاء على كييف في الأيام الأولى من الحرب، فإن تشكيل عمليات مماثلة لهذه العملية ممكن أيضاً.
2- المواجهة بين روسيا وأوروبا في مجال الاقتصاد والطاقة:
كما ذكرنا سابقاً في الأخبار اليومية، وفقاً لاعتراف المؤسسات الرسمية والسلطات الأوروبية، فإن احتياطيات الطاقة في هذه القارة ليست مبشرة بالخير، وبالنظر للأزمة في مسألة الاتفاق النووي مع إيران، يبدو أن إمداد عجز الطاقة الذي تستخدمه أوروبا من خلال الدول الأخرى غير روسيا وإيران له تكلفة أعلى بكثير ومسار أكثر صعوبة في المستقبل.
حيث أن قضية الطاقة هي أهم قضية في المواجهة بين روسيا وأوروبا؛ وفي الواقع، قطعت روسيا صادراتها من الغاز والمنتجات النفطية للضغط على أوروبا، كما وأن الأوروبيين، بالإضافة إلى عدم دفع ثمن الطاقة المستوردة، أخضعوا روسيا للعديد من العقوبات الاقتصادية.
ومن أجل تجنب الفشل في هذه المواجهة، يضطر الأوروبيون إلى إمداد عجز الطاقة لديهم من خلال دول أخرى أو التفاوض مع روسيا لاستئناف صادرات الطاقة. واعتماد أي من هذين المسارين مرهون بظروف الحرب في أوكرانيا والمفاوضات مع إيران خلال الأشهر المقبلة، واستمرار الوضع الحالي ليس في مصلحة أوروبا.
3- المواجهة بين روسيا وأمريكا على المستوى العالمي:
وفقاً لمحللي الحرب الأوكرانية، ففي المواجهة الجديدة مع خصمها الشرقي، تمكنت الولايات المتحدة من جر الروس إلى الحرب وتحويل أوكرانيا إلى أرض لاستنزافهم. وقد أدت جهود روسيا المكلفة للفوز بالحرب في أوكرانيا إلى انخفاض الاهتمام وإضعاف موقفها السياسي في مناطق آسيا الوسطى والقوقاز وما إلى ذلك. وتعقيباً لهذا الموضوع، زاد نفوذ أمريكا في الدول الحليفة لروسيا مثل طاجيكستان وأرمينيا وأصبح المجال أكثر انفتاحاً لدول أخرى طموحة في المنطقة مثل تركيا في القارة الأوروبية ومنطقة القوقاز وسوريا. وفي هذه الحالة، من الضروري أن تلعب إيران دوراً وتهتم بالتطورات في طاجيكستان والصراعات الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا، كما أن اللامبالاة بالأحداث التي من ورائها إسرائيل والولايات المتحدة يمكن أن تسبب مشاكل كبيرة لأمن إيران.
وعلى الرغم من توافر جميع شروط القوة العظمى، من موقعها الجغرافي واحتياطياتها الهائلة من الطاقة إلى أن نصل إلى موقعها السياسي في العالم وقوتها العسكرية الكبيرة، إلا أن روسيا لم تنجح تماماً في إدارة ساحة المعركة في أوكرانيا ولم يتم تحقيق العديد من أهدافها. بالطبع هذا لا يعني أن روسيا خسرت الحرب وأن أوكرانيا والغرب قد انتصروا، ولكن الحرب بين روسيا والغرب قد بدأت للتو، وإذا لم تمنع الضغوط الاقتصادية أحد جوانب هذا الصراع، فلا يزال هناك طريق طويل لنقطعه قبل تحديد الفائز.
بشكل عام، استمرار المواجهة الروسية مع أمريكا والدول الأوروبية أمر حتمي، وسيستمر بلا شك حتى بعد حرب أوكرانيا. ولكن نقطة نهاية الحرب في أوكرانيا غير واضحة، وسيصبح تحليل ودراسة الوصول إلى تلك النقطة أكثر وضوحاً مع تطور السيناريوهات المحتملة المذكورة خلال الأشهر المقبلة. لذلك، نحن ننتظر شتاء أوروبا القاسي ونيران الهجمات الروسية المستقبلية.
نبذة عن المؤلف:
تعليق