المعرفة العسكرية: أسباب نجاح الدفاعات الجوية الأوكرانية أمام روسيا
خلال الحرب الأوكرانية الروسية، وعلى الرغم من شل الدفاعات الأوكرانية من قبل الروس، كان أداء الدفاعات الأوكرانية جيداً. ومن هذا المنطلق، فإننا سندرس أسباب نجاح الدفاعات الأوكرانية على النحو التالي. حيث يمكن تقسيم هذه الأسباب إلى ثلاثة أجزاء:
1- الإعطاب الناقص للدفاعات الأوكرانية من قبل الروس:
في بداية المعركة، حاول الروس شل رادارات العدو بإطلاق صواريخ مضادة للرادار مثل KH-31. ولكن إعطاب الدفاعات هذا، تم بسرعة كبيرة واستعجال، ولم يقم الروس إلا بشل رادارات الإنذار المبكر والأنظمة النشطة، ودون استكمال عملية شل الدفاعات، وتركوا الطبقات الدفاعية الوسطى وأدخلوا قواتهم لأوكرانيا.
واعتقاداً من الروس بأن الدفاعات متوسطة وقصيرة المدى ستكون غير فعالة للغاية بدون رادارات الإنذار المبكر ولتسريع عملية الهجوم، تخلى الروس تماماً عن هذا الجزء من عملية شل الدفاعات وبدأوا العمليات البرية والعمليات الجوية. ولكن على عكس اعتقاد الروس، فإن بعض الأنظمة تشتبك بنجاح مع الأهداف المعادية حتى بدون رادارات الإنذار المبكر. حيث كانت معظم هذه الأنظمة أنظمة دفاعية قصيرة المدى مثل TOR-M1.
ويعتبر استخدام القنابل التي يتم إسقاطها إسقاطاً حراً في العمليات الهجومية في خطوط القتال أو العمليات داخل العمق في حالة لم يتم فيها شل الدفاعات قصيرة ومتوسطة المدى الأوكرانية خطأ تكتيكياً من قبل الروس. وفي مثل هذه الظروف، يجب على الروس إما شل الدفاعات بشكل كامل أو استخدام الذخيرة الذكية ذات المدى العالي في عملياتهم ليكونوا بعيدين بشكل كامل عن فعالية الدفاعات قصيرة المدى. وفي حالة عدم إكمال عملية شل الدفاعات الأوكرانية، كان استخدام المروحيات يمثل مخاطرة كبيرة للغاية، حيث تشير الخسائر الروسية إلى ذلك. وذلك لأنه حتى أنظمة الدفاع قصيرة المدى مثل TOR-M1 قادرة وبشكل جيد على مواجهة صواريخ كروز والمروحيات الروسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن قدرة بعض الصواريخ المضادة للدروع على تدمير الأهداف الجوية، وقدرة الأنظمة الأخرى المحمولة على الكتف والتي تم منحها لأوكرانيا، مثل FIM-92 Stinger لصيد المروحيات، تسببت في تكبد الروس العديد من الخسائر في المروحيات الخاصة بهم.
اقرأ المزيد: المعرفة العسكرية: صاروخ FIM-92 Stinger المحمول على الكتف
2- التكتيكات الأوكرانية لصيد الطائرات:
لدى الدفاعات الأوكرانية عدد كبير من الأنظمة قصيرة المدى ومن مختلف الأنواع. وقد نجحت هذه الأنظمة في تدمير العديد من صواريخ كروز الروسية والعديد من الطائرات المقاتلة في الحرب الحالية بين أوكرانيا وروسيا. ووفقاً للظروف البيئية لأوكرانيا، يمكن للأنظمة الدفاعية قصيرة المدى مثل Buk-m1 التخفي جيداً واصطياد الأهداف مثل المقاتلات وصواريخ كروز وما إلى ذلك. ومن ناحية أخرى، يمكن للجنود بسهولة من خلال التمويه والاحتماء في البيئة مثل الأشجار وبمساعدة الصواريخ المحمولة على الكتف، تدمير الأهداف مثل المروحيات أو المسيرات. حيث خلقت الظروف البيئية لأوكرانيا في الواقع بيئة طبيعية مناسبة وتمويهاً بحيث يمكن للدفاعات الأوكرانية التمويه وإلى حد ما البقاء في مأمن من ضربات القوات الروسية.
وتمتلك الدفاعات الأوكرانية قبل بدأ الحرب وبغض النظر عن الدفاعات التي تم التبرع بها بعد الحرب، ما يلي:
- منظومات SA-14 (ستريلا) المحمولة على الكتف، SA-18 (إيغلا)، FIM-92 Stinger
- سام 2 و 3 نظام دفاع صاروخي ثابت
- أنظمة دفاع صاروخي متنقلة قصيرة المدى ومنخفضة الارتفاع سام 6، سام 8 (أوسا)، SA-13 (ستريلا 10 محمول على الكتف)، سام 18 (TOR-M1)، سام 9 (غازلين)
- أنظمة الدفاع الصاروخية المتنقلة قصيرة المدى ومتوسطة الارتفاع (Buk-m1) SA-17،
- شيلكا وهي نظام دفاعي قصير المدى متحرك يعتمد على مدفع زي أس يو-23-4
- نظام S-300PM الدفاعي الصاروخي المتحرك طويل المدى وعالي الارتفاع
- نظام S-200 الدفاعي الصاروخي الثابت طويل المدى وعالي الارتفاع
3- المساعدات الأجنبية لأوكرانيا:
منذ البداية وعندما زادت احتمالية نشوب صراع بين أوكرانيا وروسيا، بدأت الدول الأعضاء في الناتو وخاصة إنجلترا والولايات المتحدة في تقديم الأسلحة. حيث تراوحت هذه المساعدات من المعدات الفردية مثل الأسلحة كـAR-15 إلى مختلف أنواع الصواريخ المضادة للدروع مثل NLAW و جافلين وما إلى ذلك، وكان لها تأثير كبير على تدمير الدبابات الروسية في جبهات القتال. ولا تزال المساعدات تُرسل ويتم إرسال معدات أفضل إلى الأوكرانيين كل يوم. وأمريكا والحلفاء الآخرون ومن خلال فهم عملية التدريب على المعدات، أرسلوا أنظمة دفاع روسية مثل SA-8/10/12/14 إلى أوكرانيا. ويمكن القول بشكل قاطع أن المساعدات الغربية أبقت أوكرانيا واقفة على قدميها حتى اليوم.
اقرأ المزيد: ما هي المنظومات المحمولة على الكتف التي تستخدمها القوات الأوكرانية لمواجهة روسيا؟
وفقاً لتعريف الدفاعات قصيرة المدى يبلغ أقصى ارتفاع لها 15 كم ومدى أقصاه 50 كم. ومع تطوير الأسلحة التي تُطلق من الجو، أصبحت الدفاعات قصيرة المدى عرضةً للإصابة. على سبيل المثال، فإن صاروخ أخجار الذي يبلغ مداه 30 كم والجيل الجديد Hellfire بمدى 20 كم، والذي يمكن أيضاً حمله بواسطة المسيرات، يجعل من السهل تدمير الدفاعات قصيرة المدى.
وفي معظم الأوقات، تكون الدفاعات قصيرة المدى فعالة عندما تعمل تحت مظلة دفاعية متوسطة المدى أو بعيدة المدى. وفي حالة وجود رادارات للإنذار المبكر، يمكن اكتشاف موقع الهدف قبل الوصول إلى الدفاعات، وبهذه الطريقة يمكن تنفيذ كمين عن طريق الدفاعات قصيرة المدى ومنع اصطياد هذه الدفاعات.
وبالنظر إلى القوة المضادة للرادار الروسية والاستخدام الواسع النطاق لصاروخ KH-31 المضاد للرادار أثناء الحرب، جنباً إلى جنب مع التقارير عن استهداف الرادارات الأوكرانية يمكن الاستنتاج أنه من الناحية العملية لم يتبق رادار للإنذار المبكر قيد التشغيل على الأراضي الأوكرانية.
والتقرير الذي بثته قناة CNN التلفزيونية يظهر أن طائرة أوكس E-3 تقوم باستمرار بدوريات واعتراض للمقاتلات الروسية فوق الحدود بين بولندا وأوكرانيا. وخلال مؤتمر صحفي تحدث رئيس الولايات المتحدة بوضوح عن تقديم المعلومات الحديثة إلى الجانب الأوكراني بشكل فوري.
والرادار AN / APY-1 من أواكس الأمريكي E-3 لديه القدرة على اكتشاف مقاتلة حربية من مسافة 320 كم (بالطبع، يعتمد أيضاً على المقطع العرضي) أو مثال آخر على عائلة E-3 أواكس هو أواكس E3-A الذي يستطيع راداره على ارتفاع عالي اكتشاف الأهداف الطائرة عالية الارتفاع من مسافة 650 كم. والمسافة من الحدود البولندية إلى مدينة كييف أقل من 450 كم. كما وتبلغ المسافة بين الحدود الرومانية وكييف حوالي 400 كم. ووفقاً للمسافة بين الحدود وخصائص أواكس E-3 ، فإن أواكس خلقت غطاءاً جوياً مناسباً وتوفر المعلومات اللازمة للدفاعات الأوكرانية. وكانت هناك تقارير مختلفة عن عمليات تحليق للتنصت والتجسس في جميع أنحاء أوكرانيا. وكل هذه الأمور والمساعدات الاستخبارية وغيرها ساعدت بشكل كبير في تنفيذ كمائن حول كييف وتسببت في معظم خسائر القوات الجوية الروسية.
ومن خلال إيقاف وإخفاء الأنظمة قصيرة المدى، اعتاد الجيش الأوكراني على نصب الكمائن في أماكن مختلفة مع الاحتمالية الكبيرة للهجوم أو بالقرب من خطوط المعركة والدعم. وفي مثل هذه الحالة، لم يكن من الممكن اكتشاف هذه الأنظمة مع أواكس وأنظمة الكشف عن الرادار. كما درس الأمريكيون إمكانيات الهجوم في أماكن مختلفة من خلال فحص صور الأقمار الصناعية وأنظمة التنصت وبمساعدة الأواكس ونظام التنصت وتحديد الموقع GPS الذي استخدمه الروس تجارياً، حددوا موقع أهداف الطيران وفي الوقت والمكان المناسبين كانت الأنظمة الدفاعية تقوم بالاعتراض والتدمير. كما وتقوم هذه الأنظمة بإيقاف تشغيل الرادار بسرعة وتغيير موقعها بعد العملية. وهذا يجعل من الصعب الرصد بعد الإطلاق. حيث لا تجد أواكس وأنظمة الحرب الإلكترونية والأقمار الصناعية، التي لديها القدرة على اكتشاف الرادارات النشطة، وقتاً كافياً لاكتشاف رادار الأنظمة قصيرة المدى باستخدام طريقة التشغيل هذه.
وإدراكاً لذلك، انسحبت روسيا من محيط كييف وركزت على المناطق التي يمكن أن يقدم فيها الغرب أقل مساعدة استخباراتية لأوكرانيا. وقد زاد هذا من الفعالية وقلل من خسائر الروس في القطاع الجوي.
اقرأ المزيد: صاروخ STARStreak المحمول على الكتف للدفاع الجوي
الكُتّاب:
السيد محمد حسين موسوي إيرائي
علي عبدي آهنغري
تعليق