حمد المسفر يكشف خفايا الأزمة القطرية
“الأزمة الخليجية” كانت بمثابة الصدمة السياسية فالعلاقات والخلافات الخليجية – الخليجية لها طابع خاص، وربما تظل تبحث لسنوات عن أسباب الخلاف وظروف التصالح.
للتعرف على أسباب الأزمة ودوافعها وإلى أين وصلت والسيناريوهات المتوقعة، أجرت “سبوتنيك” مقابلة موسعة مع السياسي والأكاديمي القطري الدكتور محمد المسفر، نطالع الجزء الأول منها في السطور التالية.
سبوتنيك: ما هي دلالات المهلة التي منحتها دول الحصار الأربع؟
هي مدة زمنية 48 ساعة أعطيت من قبل الدول المحاصرة لقطر إلى الوسيط، أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، ولم تعط لقطر، التي سلمت ردها على ما يسمى بالمطالب المطلوب من الدوحة تنفيذها، وبالطبع الوسيط (الكويت) يحتاج إلى مهلة لقراءة الرد القطري والتشاور حول الردود والاتهامات التي فرضت من جانب الدول الأريع وفرض بموجبها الحصار.
سبوتنيك: هل يعني هذا أن الوساطة الكويتية لم تفشل؟
المسفر: في تقديري مازالت الكويت هي الوسيط وهي المدعومة من المجتمع الدولي بما فيه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي وسيط مقبول من كل الأطراف المتصارعة في الخليج.
سبوتنيك: تفجرت الأزمة في الخليج بصورة مفاجئة وسريعة جدا…هل هناك أسباب خفية للأزمة؟
اجتماع مجلس التعاون الخليجي بالرياض والذي حضره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان طبيعيا وعاديا ولم يكن هناك ما يعكر صفو الاجتماع، علاوة على أن الاجتماع الخليجي — الخليجي، الذي تم أيضا في الرياض، كانت تستحوذ عليه علاقات الأخوة، ولم يكن هناك خلاف أو شقاق أو قضايا، بل على العكس تماما كانت هناك إشادة بالدور القطري في الوساطة ومحاربة الإرهاب، ثم جاءت القمة الإسلامية الأمريكية ولم يكن هناك ما يثير الشك في أي شيء.
سبوتنيك: إذاً كيف تفجرت الأزمة بهذه السرعة…وبتلك الطريقة؟
في اعتقادي أن هناك “نميمة سياسية”، قد صدرت من بعض دول مجلس التعاون إلى الرئيس الأمريكي ترامب، ونقل له عن قطر “قولا لا يليق بناقله”، وكما يعلم الجميع أن الرئيس الأمريكي رجل أعمال وليس رجل سياسة، فأخذ القول على عواهنه وصرح ترامب أمام وسائل الإعلام بقوله “قيل لي” بأن قطر تظاهر الإرهاب، و”قيل لي” هي “النميمة السياسية” التي حركت الموقف فيما بعد، ثم انقلب الموقف كاملا بعد انتهاء مراسم وداع الرئيس الأمريكي، وفي يقيني أن تلك الكلمة كانت مفتاح الأزمة، وهناك أقوال بأن اتصالات جرت بين دول خليجية وبين مساعدي الرئيس الأمريكي ترامب، قبل أن يصل إلى الحكم وكان على رأسهم مساعده قشمر، ووضعت لديهم أيضا تلك النميمة السياسية على قطر وتصاعدت عندما وصل ترامب للبيت الأبيض، وقشمر هو اللاعب مع الدول الخليجية المشتركة في الحصار، وأعتقد أن هذه النميمة هي التي حركت المشاعر ضد قطر، وعلى ضوء ذلك اتخذت القرارات بتشجيع من الرئيس الأمريكي في تغريداته على “تويتر”، والتي اصطدمت بوزارة الخارجية فيما بعد وفقا لما تم تداوله، ولكني أعتقد أن هناك تناغم بين القيادات السياسية في الولايات المتحدة، يجوز أن تكون هناك خلافات جانبية، وهناك من يقول إن الفاعل الأكبر هو وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، وقد قال الرئيس الأمريكي ووزارة الدفاع والخارجية في تصريحات سبقت الأزمة، أن قطر “شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب، وقيلت أكثر من مرة وفي أكثر من مكان في الولايات المتحدة الأمريكية”.
سبوتنيك: إذا ما تفسيركم لما جرى بعد هذا الثناء الأمريكي؟
ما جرى بعد هذا كله، هو أن تصر الولايات المتحدة أن قطر شريك رئيسي في محاربة الإرهاب وهى صادقة في ذلك، فقد تعاون الطرفان كثيرا فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب في سوريا والعراق واليمن وليبيا، فلا نعلم إلا أن النميمة السياسية والمال النفطي العربي قد فعلا فعلتهما، وللأسف فإن أموال العرب تنفق للتآمر على بعضهم البعض.
سبوتنيك: قلتم إن “النميمة السياسية” كانت مفتاح الأزمة…هل يعني هذا أن المقاطعة كانت عربية بضغوط أمريكية؟
المقاطعة والإصرار عليها كان عربيا- خليجيا، بمساعدة الدول المتضررة من قناة “الجزيرة” باعتبارها محرض ضد النظام القائم “كما يعتقدون”، وبالتالي تعاونت الأطراف ولا أستبعد أن تكون هناك يد إسرائيلية متداخلة في هذه الأزمة.
سبوتنيك: الأزمات الدولية تمر بمراحل قبل أن تصل للقطيعة، وفقا للمتعارف عليه في العلاقات الدولية والنظريات السياسية…ما هي خصوصية الأزمة القطرية مع الخليج؟
خصوصية الأزمة القطرية “أن هناك شيء مبيت” وقديم، وللأسف دول الحصار الأربع تجتر التاريخ، فالتاريخ بين الأنظمة السياسية الخليجية مضطرب وبه إشكالات كثيرة فيما بينهم، يختلفون ولا نعرف لماذا اختلفوا، ويصطلحون ولا نعرف كيف اصطلحوا، وهذه الأمور تعود إلى الستينيات والسبعينيات، وبعض الدول الخليجية “تجترالتاريخ” لتستخدمة في الوقت الذي تشاء، وإذا رجعنا لأقرب حادثة في عام 2014، ووقتها تم سحب السفراء من قطر ولم يكن هناك ما يستدعي ذلك ولا نعلم حتى الآن أسباب منطقية لسحب السفراء وقتها، وكانت هناك أمور اختلفوا فيها بخصوص البحرين عندما دعيت قوات “درع الجزيرة”، ولم تشارك بعض الدول الخليجية في تلك القوة لأسباب داخلية، وبررت تلك الدول عدم مشاركتها وكانت مواقفها مقبولة، وقد تم استدعاء الخلافات السابقة في الأزمة الأخيرة، والتي يدخل في نطاقها أيضاً الغيرة والحسد والكراهية للانطلاقة الإعلامية التي تبنتها قطر، وبالتالي فإن الحرب على “الجزيرة” ليست من اليوم، ولكنها بعد سنوات قلائل من ظهورها على الساحة، الأمر الذي دفع بعض الرؤساء العرب في انتفاضة الأقصى إلى أن يطلب قصف “الجزيرة”، وقد ناقش “بوش وبلير” وقرروا في بعض اللحظات ضرورة كسر الجزيرة “بضربها”، وهنا تجد أن كل بيان يصدر يكون في مطلعه “إيقاف الجزيرة” وإلغاء “الجزيرة”، وبدلا من التعاون على حرية الكلمة والتعبير والرأي يتعاونوا لإغلاق “الجزيرة”.
أجرى الحوار: أحمد عبد الوهاب
تعليق